شباب الأمة .. وتحديات المرحلة !

منذ 2010-04-07

يأتي في هذا المضمار دور الإعلام غير النزيه الذي يشوه الإسلام بتقديمه لغير المسلمين على أنه دين العنف ، متجاهلين سماحة الإسلام وعدله ، ومنهج خاتم الأنبياء والمرسلين - صلى الله عليه وسلم - باعتبار بعثته هداية ورحمة للعالمين !


طالب المشاركون في الدورة الحادية عشر لمخيم التضامن الإسلامي الذي نظمته الندوة العالمية للشباب الإسلامي في مدينة بور سعيد المصرية ، خلال الأسبوع الأول من أغسطس الجاري تحت عنوان "الشباب الدور الغائب والفاعلية المطلوبة" بضرورة اضطلاع مؤسسات وحكومات العالم الإسلامي بتفعيل دورهم الحضاري نحو صياغة مناهج تربوية وتعليمية تتسق مع القيم الإسلامية من اعتدال ووسطية .


وجاءت الدورة الحادية عشر لمخيم التضامن الإسلامي لتؤكد حقيقة أساسية مفادها أنَّ الالتزام بمنهج الإسلام الصحيح الوسطي ضرورة لسلامة السلوك وانضباط الأخلاق واضطلاع الشباب بدروهم الحضاري في بناء الحضارة الإسلامية.
 

وفي بداية المخيم طالب د. حمدي المرسي- مدير مكتب الندوة العالمية بالقاهرة- صياغة استراتيجية إسلامية لتخليص الشباب المسلم من حالة عجز الثقة التي تحول دون الاستفادة من طاقات الأمة، مؤكدًا على أهمية البناء الشامل في الأمة ومحذرًا من دعوات الهدم الكثيرة التي تواجهها.
 

تنقية عقيدة التوحيد أساس للنهضة
وفي هذا الإطار أكد أ. د. صلاح الصاوي- أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر والأمين العام للمجمع الفقهي الإسلامي ومفتي أمريكا الشمالية- ضرورة تفعيل دور التوحيد الذي قام عليه أمر الدين، لمواجهة التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية بمعناها الواسع والذي يشمل الأرض كلها؛ انطلاقًا من عالمية الإسلام التي رعت العلم والعلماء.


وأضاف الصاوي أنَّ الشريعة الإسلامية ليست مجرد خطاب موجه للحكام فقط، بل هي موجهة لكل الأفراد في العلاقات والمعاملات، ومن ثمَّ فمن الظلم اختزال الشريعة كقضية كبرى لمجرد تكليف يتجه به الخطاب للقيادة السياسية.
 

وطالب الصاوي علماءَ الأمة وقادتها بضرورة صياغة أُسس صحيحة لمناهج التربية والتعليم؛ لكونها هي الحافظة لشباب الأمة من الانحراف، وحذر من أنه ما لم ينضبط المنهج في فهم أصول الدين فسيظهر الكثير والكثير من مظاهر الانحراف والاختلالات السلوكية التي ستصيب الأمة في مقتل، من أعمال عنف أو تكفير أو تشدد وغلو أو انحراف وتساهل واستهانة بأمور الدين.
 

أزمات الأمة وبشائر التمكين
وعلى الرغم من حجم الأزمات والإحباطات التي تُحيط بالمسلمين إلا أنَّ محاضرة الأستاذ الدكتور عبد الله حسن بركات أستاذ قسم الأديان والمذاهب بكلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر جاءت كالماء البارد على الظمأ؛ حيث ساق الكثير من المبشرات التي تحيط بالأمة الإسلامية بالرغم من التحديات التي تواجه المسار الحضاري للأمة الإسلامية، ومن المبشرات تجمع كثير من البشر باختلاف ألوانهم وألسنتهم في ظل الدين الإسلامي الحنيف باعتباره الرسالة الخاتمة ،
ومن ضمن هذه المبشرات أيضًا حالة الواقع الغربي ذاته من إفلاسٍ أخلاقي وشذوذ فكري وسلوكي؛ مما زاد عدد المرضى النفسيين ومن ثمَّ الأطباء النفسيين، وكثرة اليأس في قلوب الغربيين (فالسويد مثلاً بها أعلى نسبة دخل قومي في العالم، ومع ذلك فهي أعلى دولة في نسبة الانتحار).


ويضيف بركات: وحتى نكون أكثر واقعيةً في التعامل مع المبشرات التي تؤكد سيادة الأمة الإسلامية وتقدمها لا بد أن نوقن بضرورة التضحية وبيع النفس لله تعالى، وإدراك حقيقة العبادة لله ومعرفة حقيقة خلق الله لعباده، وكذا ضرورة اعتماد التعاون الجاد والإيجابي رافعين شعار ما استحق الحياة من عاش لنفسه أبدًا مع الإخلاص لله في الأقوال والأفعال.
 

قاب قوسين من النصر
وفي هذا الإطار أيضًا أكد أ. د. راغب السرجاني المفكر الإسلامي وخبير التربية في محاضرته التي جاءت بعنوان "زمن وضوح الرؤية" على أن الأمة الإسلامية باتت قاب قوسين من تحقيق النصر، وما على الشباب إلا الإعداد المتين لمرحلة التمكين والتي ستظهر قبلها فتن ومحن شديدة نحن بصددها الآن، وبالرغم منها فإنَّ أهل الباطل يخافون أهل الحق برغم صغر عددهم إلا أنَّ تماسك أهل الحق هو سر قوتهم ورهبة عدوهم منهم، كما الوضع في فلسطين؛ حيث تخشى الترسانة الصهيونية بكل جبروتها من قوة المقاومة برغم صغر عددها وقلة إمكانياتها.
 

كما أكد السرجاني أهمية عدم التعجل في التربية لأنها هي أساس التمكين وبقدر جودتها وعمقها يحفظ الصف المسلم من الفتن والمحن التي تواجهه الآن ومستقبلاً.
إصلاح الخطاب الديني
 

كما أكد الدكتور جمال عبد الستار- الأستاذ بكلية الشريعة بجامعة الملك خالد في أبها بالسعودية- أنَّ موجات الإصلاح والتغيير التي تموج بالساحة العربية والإسلامية تستلزم تطوير الخطاب الدعوي ، وذلك لكي يتواصل المسلمون مع العالم الخارجي الذي بات أكثر طلبًا للتعرف على الإسلام، وكذا فعلى الدعاة أيضًا أن يُفعِّلوا من أسلوبهم لإقناع المسلمين بالوسطية والرشادة التي نحن في أمس الحاجة إليها في ظل حملات التشويه والتحريف الموجهة للإسلام كدين.
ولكي لا يصبح الدعاة إلى الله مجرد سهام موجهة للدين يُساء فهمها لا بد من أن يرتكز الخطاب الدعوي على مرتكزات عدة.
 

أولها: فهم مقاصد الإسلام، والتي رعاها الإسلام في كل ما جاء من أمور ونواهٍ، وتلك المقاصد مجرد بوصلة لا بد الالتزام بها والسير حسب اتجاهها، وما من حكمٍ شرعي إلا ويحقق مصلحة (حفظ العقل- كمال الدين....).


ثانيًا: مراعاة آداب الاختلاف: فالخلاف أمر طبيعي، فكما أنَّ العقول مختلفة فلا بد وأن الآراء ستختلف، فطرة الله التي فطر الناس عليها.
 

فلا إرغام على أحد بفكرٍ معين والقرآن نفسه ثلاثة أرباعه ظني الدلالة يقيني الثبوت، أي أنَّ العقول تختلف في فهم الإسلام نفسه، لذا فعلى الدعاة إلى الله احترام المخالفين لهم في الرأي سواء كانوا مسلمين أم كفارا.
 

ثالثًا: مراعاة فقه الأولويات: فلنبدأ بالمتفق عليه، ومراعاة ظروف الناس وعاداتهم وأن نخاطب الناس قدر عقولهم وأفهامهم.
 

رابعًا: التفريق بين الدعوة والفتوى: فالدعوة واجبة على كل مسلم، "بلغوا عني ولو آية"، وللأسف لم يقم المسلمون بواجب الدعوة وتفرَّغ كثيرٌ منهم للفتوى، بدليل بقاء أربعة أخماس العالم غير مسلمين، مع أنَّ معظم أهل الغرب يتوق لمعرفة صحيح الإسلام، إذ أسلم أحد السويديين لما سمع أحد المسلمين يقسم بالله الذي رفع السماء بلا عمدٍ، قائلاً: "والله أول مرة أعلم أنَّ السماء بلا عمد".
 

ويأتي في هذا المضمار دور الإعلام غير النزيه الذي يشوه الإسلام بتقديمه لغير المسلمين على أنه دين العنف ، متجاهلين سماحة الإسلام وعدله ، ومنهج خاتم الأنبياء والمرسلين - صلى الله عليه وسلم - باعتبار بعثته هداية ورحمة للعالمين !

 
الإسلام اليوم
المصدر: رضا عبد الودود - القاهرة - موقع الإسلام اليوم