مع القرآن - وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ

منذ 2016-05-18

نقد الشرك ونقض المناهج المعادية للإسلام شيء، وحفاظ المسلم على نظافة لسانه من السب شيء آخر، و إن كان هذا الوثن أو ذاك المنهج بالفعل يستحق السب إلا أنه سيجر متعصبيه إلى سب ذات الله سبحانه.

و هنا حض الشرع المدافعين عنه التماس طريق الحجة والبيان بعيداً عن السباب فإن التسرع في السب دائماً ما يلجأ إليه ضعيف الحجة ليداري ضعفه بجانب ما يترتب عليه السباب من تعصب الضعيف وزيادة عدائه وسبابه للحق وأهله وإعطائه الفرصة للخروج من مأزق ضعف الحجة ثم ضياع الأوقات والجهود.

تأمل قوله تعالى: {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام:108].

قال السعدي في تفسيره: ينهى الله المؤمنين عن أمر كان جائزًا، بل مشروعًا في الأصل، وهو سب آلهة المشركين، التي اتخذت أوثاناً وآلهة مع الله، التي يتقرب إلى الله بإهانتها وسبها.

ولكن لما كان هذا السب طريقاً إلى سب المشركين لرب العالمين، الذي يجب تنزيه جنابه العظيم عن كل عيب، وآفة، وسب، وقدح -نهى الله عن سب آلهة المشركين، لأنهم يحمون لدينهم، ويتعصبون له. لأن كل أمة، زين الله لهم عملهم، فرأوه حسنًا، وذبوا عنه، ودافعوا بكل طريق، حتى إنهم، ليسبون الله رب العالمين، الذي رسخت عظمته في قلوب الأبرار والفجار، إذا سب المسلمون آلهتهم.

ولكن الخلق كلهم، مرجعهم ومآلهم، إلى الله يوم القيامة، يعرضون عليه،وتعرض أعمالهم، فينبئهم بما كانوا يعملون، من خير وشر.

وفي هذه الآية الكريمة، دليل للقاعدة الشرعية وهو أن الوسائل تعتبر بالأمور التي توصل إليها، وأن وسائل المحرم، ولو كانت جائزة تكون محرمة، إذا كانت تفضي إلى الشر.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ
المقال التالي
تسويف الرافضين للشرع عبر التاريخ