انفجرت قنبلة التنديد فماذا بعد؟

منذ 2010-06-22

ألا ما أذلَّ حكومات ترى هذا التعجرف الصهيوني، وبيدها من وسائل الضغط والردع ما يربك العدو، ويحني ظهره، ثم تكتفي بالشجب ظاهرا، وتعانق السفاح باطنا، وتتواطأ معه في تشديد الحصار، وتضييق الخناق، ظاهرا وباطنا.


الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:

فمن الجهل أن نعزل تصرف إخوان القردة والخنازير عن معتقداتهم الزائفة، أو أن نراها بعيدة عمَّا جلاَّه الله لنا من أوصافهم وأخلاقهم الذميمة، وكيف يليق بنا أن نفعل ذلك ونحن نرى أنه ما من جرم يرتكبونه إلا وفي كتاب الله ما يثبته ويؤكده.

قبل ارتكاب المغتصبين اليهود جريمتهم الأخيرة في "مجزرة أسطول الحرية"، وحين كان الأسطول يَهِمّ بالإبحار، قرأت ما نصه: " بدوره، قال المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية إيجال بالمور: "نحن نستعد لأي سيناريو"، مشيرا إلى أن السلطات الإسرائيلية ستعامل جميع من يحاولون كسر الحصار المفروض على غزة على أنهم مخالفون للقانون، وقال إنهم مهددون بالترحيل. ولن تقتصر مواجهة الأسطول على الاعتقال، بل أقر المجلس الأمني المصغر سلسلة استعراضات إعلامية منها إقامة معرض لصواريخ القسام التي سقطت في البلدات الاسرائيلية ونثر رسائل للجندي الأسير جلعاد شاليط في الهواء ونشر مجندات باللباس الأبيض في ميناء أشدود. وما نصه: "وفي حين رفض نشطاء القافلة البحرية عرض عائلة الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط للتوسط لدى الحكومة الإسرائيلية مقابل نقل رسائل للجندي الأسير".


هل فهمتم مغزى ما نقلته لكم؟

هل أدركتم أن منطق اليهود اليوم لا يختلف عن منطق أسلافهم بالأمس { وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} [المائدة:18]، فاليهود يرون أنهم شعب الله المختار، وقد جاء في دائرة المعارف البريطانية ما نصه: " أهم أساسيات عقائد اليهود هو اعتقاد أن أبناء إسرائيل هم شعب الله المختار وأنهم هم النور لسائر الأمم، كان هناك ميثاق بين الله وإبراهيم ثم تم تجديده مع إسحاق ثم يعقوب ثم موسى"، وهم في جميع مواقفهم، وما نقلته آنفا عنهم، يؤكدون بجلاء هذه العقيدة، ويتعاملون مع غيرهم بموجبها، إذْ لا مانع لديهم من أن يهلك شعب كامل، مقابل أن يَسلَم يهودي واحد.

ومن تأمل بجاحة اليهود، وكيف أنهم سيقابلون تلك القافلة، وما صاحبها من ضجة إعلامية، بحملة إعلامية مضادة، تتضمن رسائل الأسير جلعاد شاليط، مما يعني أن شاليط أحق بالحياة، والعيش الرغيد، والحرية والكرامة، من أكثر من مليون محاصر في غزة، وآلاف الأسارى من الرجال والنساء في سجون الصهاينة!!!
 


أن يموت في القافلة ويجرح العشرات، فهذا أمر يندرج تحت بند "الإجراء الوقائي"، وأن تحاصر غزة وتخنق خنقا، وتقطع عنها الإمدادات، ويلجأ أهلها إلى شرب مياه الصرف، وطبخ الأكل على ما يتيسر من المخلفات، وتهدم المساكن على رؤوس الأبرياء العزل، وتنقطع الموارد الأساسية عن المستشفيات، فهذا إجراء وقائي يندرج تحت بند "حماية أمن إسرائيل"، وأن تُشَنَّ الغارات، وتلقى الحمم المحرقة، والصواريخ المدمرة، ويقذف بالغازات السامة، وتمطر المنطقة بأنواع الأسلحة المحرمة دوليا، ويروح ضحية ذلك العدوان الآلاف من العزل المقهورين، فهذا يندرج تحت بند "الدفاع عن النفس".

أما إن قام مسلم مقهور، قد فقد كل ما يملك في هذه الحياة، ممن اغتصبت أرضه، وانتهك عرضه، وهُدِّم بيته، وتوارى أهله تحت أطباق الثرى، بعد أن تمزقت أجسادهم أشلاء، وحاول أن يسترد شيئا من حقه المسلوب، وشرفه المغتصب، فهذا ممن يجب سحقه وسحله والتنكيل به، لأنه خارج عن قانون المغتصب، مكدر لصفو المحتل، ويجب أن يُدرج ضمن المنظمات الإرهابية، ويوضع في القوائم السوداء، وتجمد أرصدته، وتراقب تحركاته، وسيبقى هدفا مشروعا للمغتصب، إلا أن يركع له ويخضع !!!

ما أحقر أمة وأذلها، حين لا تجد سبيلا لإدانة الصهاينة، وتكتفي بتفجير قنبلة التنديد.
 


ألا ما أذلَّ حكومات ترى هذا التعجرف الصهيوني، وبيدها من وسائل الضغط والردع ما يربك العدو، ويحني ظهره، ثم تكتفي بالشجب ظاهرا، وتعانق السفاح باطنا، وتتواطأ معه في تشديد الحصار، وتضييق الخناق، ظاهرا وباطنا.

ما ثمرة أن ندين جريمة الصهاينة لاستخدامهم القوة المفرطة، في تعاملهم مع قافلة الحرية، وهي قافلة سلمية، ليس فيها إلا الدواء والغذاء والكساء، وفينا من يبني جدارا فولاذيا عازلا، ليمنع وصول ذلك كله للعزل المظلومين، وليقول بلسان حاله: دونكم أبناء غزة فاقتلوهم كيف شئتم.

ما معنى أن نندد بالعدوان، ونتعاطف مع المظلومين، ونحن نتسابق إلى السفاح المجرم، لتقديم قرابين المهانة بين يديه، وإذا انتفش ريش بعضنا مطالبا بقطع العلاقات مع العدو، أو عير بعضنا بعضا بالعلاقة مع الصهاينة، أجاب بعضنا الآخر: نحن أحسن من غيرنا، نحن نعمل على المكشوف، وغيرنا يعمل من تحت الطاولة.

هل يعني هذا أنهم خونة، ولكنهم يتفاوتون في دركات الخيانة؟!

هل يُفهم من هذا أنها مسرحية توازعوا أدوارها، والضحية فيها المسلمون ومقدساتهم، وضريبتها أن يبقى لهؤلاء الخونة جاههم؟
 


إنني على استعداد تام، إن كان ما سيتمخض عن تلك المؤتمرات والاجتماعات، وما سينتج عن تلك الاتصالات والمشاورات، بيان يندد بجرائم العدو، أو يدين مجزرته، أن أكفيهم مؤونة ذلك، وأن أقول بوضوح: إن ما قامت به دولة إسرائيل عمل مدان، ونحن نندد بالإجماع، ونشجب بلا تردد، هذا العمل الوحشي، ونرى أنه يندرج ضمن إرهاب الدولة، الذي تدينه كل القوانين والمواثيق.

ثمَّ ماذا؟

هاقد أدنت الجريمة بوضوح، وأعلنت شجبي وتنديدي، فماذا قدَّمت، وبماذا أفدت إخواني المقهورين المحصورين؟

هل ارتعدت فرائص العدو لهذا الموقف؟ أم هل رفع من حين سماعه لموقفي حصاره الظالم عن غزة؟ أم هل عقد اجتماعا طارئا لتدارس واقع سياسته، ولتعديل قوانين القهر التي يمارسها ضد إخواننا؟
 


كان يكفيكم أن تخلدوا إلى الراحة، وتوفروا مصاريف تلك الاجتماعات، وأن تضعوها في مصالح بلدانكم - إن كان يعنيكم ذلك - أو أن تجعلوها لمصالحكم الخاصة لتزدادوا بها إثما إلى آثامكم { إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا} [آل عمران:178].

منذ كم ونحن لا نعرف من تلك المؤامرات التي تشبه المؤتمرات، أو المؤتمرات التي تشبه المؤامرات، إلا قنبلة التنديد، وهي قنبلة تتفجر بقوة، فلا ينتج عنها إلا الزيادة في وحدات الاستيطان، والمخططات لمجازر جديدة، وزيادة الصلف الصهيوني، والتنازل عن كثير من بنود الكرامة الوهمية، والتعديل في المبادرات الاستسلامية بما يقوي شوكة الصهاينة، ويمنحهم صلابة في مواقفهم!!

ألم يحن الوقت بعد ليفهم أولئك أن المجتمعات المسلمة أدركت بوعي تام، أن اللعبة أضحت مكشوفة، وأن استمرارهم في هذه المهازل، يمنح المتاجرين بالشعارات، ممن خدعت البسطاء بعض مواقفه ضد الصهاينة، وأن هؤلاء الانتهازيين قد يخطفون القلوب، كما خطفوا الأضواء، وأنه ربما جاء الوقت الذي تجد فيه تلك القيادات الخانعة، أو ذات المواقف الضعيفة، أو الصادقة مع نفسها لكنها تصطدم بشعب الخيانة والتآمر من حولها، أن أبناء بلدها قد رفعوا أعلام ذلك الحزب الانتهازي البغيض، أو صاروا يلهجون بمواقف ذلك الخائن، الذي يزعم أنه سيلغي إسرائيل من الوجود، أو يستمعون لتوجيهات تلك الأشكال المزيفة التي تنادي بالموت لإسرائيل والموت لأمريكا.
 


يجب أن تدرك الحكومات، أنه إن كان إخوان القردة والخنازير، قد غضبوا لأنفسهم، ودفعتهم حميتهم لعقيدتهم، أن يعتدوا على المصورين والإعلاميين، الذين ينقلون وقائع الأحداث، فقاموا بضربهم، والاعتداء عليهم، مع حرص اليهود على الحياة { وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ} [البقرة:96]، فإن في مجتمعات المسلمين، وفي أبناء المسلمين، من الموت أحبُّ إليه من الحياة، ممن تضطرم نيران الحمية في قلبه، وتغلي دماء الغضب في شرايينه، لا سيما وهو يرى وسائل الإعلام تنقل ما لا طاقة له باحتماله، وأن هؤلاء يمكن استغلالهم وتجنيدهم بأسهل ما يمكن، إذا تزامن طغيان الصهاينة، مع مواقف القيادات الانهزامية الباهتة.

إن المجتمعات المسلمة يجب أن تسمع من قيادات التنديد والشجب، ما يكشف لهم ما وراء الأكمات، فإما أنهم لا يقدرون على فعل ما هو أكثر من ذلك، أو أنهم يقدرون ولكنهم لا يريدون، أو أنهم يرون ما لا يراه الناس، فإن كانوا لا يقدرون فينظر في أسباب عدم قدرتهم، لا سيما وهم يملكون من وسائل الضغط ما يزيد عن قدر الحاجة، دون اللجوء إلى حروب مسلحة، بل هناك من الأسلحة ما لا يقل في نكايته عن أسلحة الحروب التقليدية، كسلاح المقاطعة الجادة، وأعني بها المقاطعة لكل البضائع، بما فيها البضائع التي تصدر بأسماء شركات وشخصيات عربية، لكنها عبرية خالصة، وسلاح الماء الذي هو عصب الحياة، وسلاح الملاحقات القانونية، وسلاح قطع العلاقات والعزلة التامة، وسلاح فتح المعابر والحدود مع المحاصرين، وغير ذلك كثير.



أما إن كانوا يقدرون على فعل ما هو أكثر من التنديد والشجب والإدانة لكنهم لا يفعلونه، فييجب أن يبينوا السبب الحقيقي للإحجام، فإن كان لمصلحة عليا تنفع الأمة جمعاء، فهنا يمكن أن يُتدارس الأمر مع من يعنيهم شأن الأمة كالعلماء والمفكرين وغيرهم، أما إن كان لظروف استثنائية، فالاستثناء يجب ألا يكون هو الأصل، وأما إن كان الإحجام لمصالح شخصية، وعلى حساب مصالح الأمة، فعليهم أن يعلموا أنهم بذلك أخس من اليهود، وأحط قدرا، لأنهم لا لأمتهم نصروا، ولا لعيوبهم ستروا، ولا لمصالحهم رعوا، فأي مصلحة شخصية أعظم من أن يعيش الإنسان مسلما كريما شريفا عزيزا بعيدا عن الأنانية والأثرة.

والله إنه لممّا يخجل النفس، ويجعل المرء يتوارى منكسرا، وهو يرى بعض النصارى، أو بعض إخواننا المسلمين من الأعاجم، وهم يمخرون بقواربهم وسفنهم عباب البحور والمحيطات، نجدة للمحاصرين في غزة، في حين يخذلهم من ليس بينهم وبينه إلا أمتار، مع ما يربطهم به من روابط الدين والقربى والجنس، وهو قادر على أن يكفيهم - بأمر الله - مؤونة السؤال، ومناشدات الأمم البعيدة، فكيف إذا كان القريب، قد سخَّر جهده وقوته، لملاحقة الأنفاق وتفجيرها، وإغلاق الحدود وتسكيرها، حتى يرضخ قيادات غزة لبنود المصالحة مع الوجه الآخر للصهاينة، وهي بنود صاغتها يد غادرة، وتواطأت معها رؤوس ماكرة.
 


وفي اتجاه آخر، فإني أحيي الجهود التي تقوم بها تركيا، وأرى أنها مما يجب أن يبعث في نفوس العرب الخجل، وهو جهد مشرف مشكور، ويجب أن يعضده جهد دبلوماسي آخر، يتمثل في طرد السفير، وقطع العلاقات، وإلغاء كل مظاهر التطبيع مع الصهاينة، وإيقاف العمل بكل المعاهدات والاتفاقيات السابقة، نظرا لأن العدو الصهيوني أعلن الحرب بوضوح، واعتدى على سيادة الدولة التركية، لأن من المتقرر بداهة أن الاستيلاء على سفينة في عرض البحر، وفي المياه الدولية، وبقوة السلاح، يعد من القرصنة، وانتهاك سيادة الدولة، ويجب على تركيا أن ترد بالمثل، وأن تغضب لقتلاها، وأن تلاحق الصهاينة ملاحقة تجعلهم يعضوا أصابع الندم على فعلتهم.

كما يجب علينا جميعا أن نعلم أن الصهاينة ليسوا وحدهم المسؤولون عن هذه الجريمة النكراء، بل يشترك معهم الأمريكان، الذين يقفون أمام كل خطوة لإدانة إخوانهم الصهاينة، ويعطلون كل مسيرة تستهدف لجم اليهود عن مشاريعهم العدوانية، وهم رغم ما يرونه من جرائم لا تحجبها الشمس، لا يخجلون من إيجاد المبررات والمعاذير، في زمن يعلنون فيه حربهم على الإرهاب، ويجبرون الدول على الوقوف في خندقهم ضده، لكنهم يصفون إرهاب اليهود بالدفاع عن النفس، واحتلالهم بحق تقرير المصير، بين لا يرون الإرهاب إلا في العزَّل في أفغانستان، أو المقاومين من شرفاء العراق، أو بالمغلوب على أمرهم في فلسطين، أو بمن يدفع الأذى والقهر عن نفسه في بعض البلاد، بل بلغ بهم الحال أن يحاكموا رجالا ويسجنوهم سجنا مؤبدا، لشبهة أنهم يدعمون الإرهاب، المتمثل في دعم المسلمين في فلسطين!، فهل بعد هذا يمكن أن نعزل أمريكا عن جرائم الصهاينة؟ أو أن نعتبر أن أمريكا تقود حربا صادقة ضد الإرهاب؟ أو أنها ترى الإرهاب في غير الإسلام والمسلمين؟ أو أنها تنطلق في محاربتها للإرهاب من منطلقات غير عقائدية؟



إن من واجبنا اليوم، كما هو واجب علينا من قبل، أن نعمل كل ما في وسعنا، للجم هذا الصلف والغطرسة، وكل منا يملك قوة مؤثرة فاعلة، فالدعاء مهم، وكذلك المقاطعة للسلع الأمريكية والصهيونية، ولكل الشركات المتعاطفة من الصهاينة، وفضح المتسترين أو التيوس المستعارة، ممن رضوا بحفنة من المال، وباعوا لأجلها أوطانهم وإخوانهم وأمتهم، وساهموا في دعم اقتصاد الصهاينة، والمطالبة بكل المحافل بتجريم الصهاينة والأمريكان، وملاحقتهم في الدول التي تتمتع بشيء من الحرية والاستقلال، ونصرة المستضعفين بما يمكن، وعدم التعاطي مع شبهات الأعداء ضد المسلمين، وبث الروح المعادية للمعتدين في نفوس المسلمين، ومطالبة أصحاب القرار بإثبات أهليتهم وصدقهم بالأفعال قبل الأقوال، وإعلان رفض كل وسائل التطبيع مع الصهاينة، والمطالبة بطرد كل صهيوني من أراضي المسلمين، وفي اعتقادي أن هذا مما نقدر عليه، ومما يندرج ضمن حقوقنا، وتأخرنا عنه، أو تساهلنا فيه، أو تقصيرنا به، من التخاذل في نصرة إخواننا، وإعادة الكرامة لأمتنا، وقبل ذلك الإعذار أمام ربنا جلَّ في علاه.

كما يجب أن نساهم في دعم تلك المسيرات التطوعية، والقوافل الإنسانية، والأساطيل المباركة، التي تسهم في لفت الأنظار لقضيتنا، وتسترعي الانتباه لعضونا المحاصر، وتكون مساهمة كل منا بحسبه، وبما لا يسيء له ولغيره، ولا تقتصر المساهمة على الدعم بالمال، أو المشاركة بالجسد، بل من صور المساهمة والدعم التي لا تقل أهمية، نشر أخبار القوافل في المواقع العنكبوتية، والمجموعات البريدية، والإرجاف في الصهاينة، ومحاولة إرفاق ما يمكن إرفاقه من صور المجازر البشعة، والمقاطع المؤلمة، التي تحكي واقع المعاناة، وطغيان المحتل، ويتأكد هذا الواجب في حق من يجيدون اللغات الأجنبية، ويحتم عليهم التسجيل في المواقع التي تخاطب تلك المجتمعات الأجنبية، وإثارة هذه القضايا بينهم، وتزويدهم بما يثبت حقيقة الدعوى، ومناشدة رجال الإعلام في تلك الدول لتحمل مسئولياتهم، ومن ذلك كثرة المداخلات في وسائل الإعلام المختلفة، والتعريف بمكائد الأعداء، وتذكير الناس بواجب النصرة، وهكذا.

كما إن أعظم وسيلة لنصرة المسلمين بعضهم لبعض، واستحقاقهم نصرة الله، هو قيامهم بنصرة ربهم، بالرجوع إليه، والانكسار بين يديه، وبنصرة شريعته، بتحكيمها، والوقوف ضد من يريد طمسها وتشويهها، أو تغييب معالمها، ونصرة حملة الشريعة، بالثقة بهم، والذب عن أعراضهم، وفضح كل من يريد الإساءة إليهم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } [محمد:7]، {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ } [الحج:40].



اللهم عليك باليهود المعتدين ومن هاودهم، والنصارى الظالمين ومن ناصرهم.
اللهم اشدد عليهم وطأتك، وارفع عنهم عافيتك، وأحلَّ بهم سخطك ونقمتك، ودمرهم بسلاحهم، واضرب قلوب بعضهم ببعض.
اللهم إنهم قد أرونا قوتهم في إخواننا، فأرنا قوتك فيهم يا قوي يا عزيز.
اللهم إن بإخواننا من البأساء واللأواء ما لا نشكوه إلا إليك، فأمدهم بمدد من عندك، وجند من جندك، ولا تكلهم إلى أنفسهم، ولا إلى أحد من خلقك.
اللهم كن لإخواننا المجاهدين في سبيلك مؤيدا وظهيرا، ومعينا ونصيرا، اللهم سدد رميهم، واربط على قلوبهم، وثبت أقدامهم، وأمكنهم من رقاب عدوهم، وافتح لهم فتحا على فتح، واجعل عدوهم في أعينهم أحقر من الذر، وأخس من البعر، وأوثقه بحبالهم، وأرغم أنفه لهم، واجعله يرهبهم كما ترهب البهائم المفترسة من السباع.
اللهم اهدِ ضال المسلمين، وعافِ مبتلاهم، وفكَّ أسراهم، وارحم موتاهم، واشفِ مريضهم، وأطعم جائعهم، واحمل حافيهم، واكسُ عاريهم، وانصر مجاهدهم، وردَّ غائبهم، وحقق أمانيهم.
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، والباطل باطلا وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبسا علينا فنضل.
اللهم أصلح أحوال المسلمين وردهم إليك ردا جميلا.
اللهم أصلح الراعي والرعية.
اللهم أبرم لهذه الأمة أمرا رشدا، واحفظ عليها دينها، وحماة دينها، وورثة نبيها، واجعل قادتها قدوة للخير، مفاتيح للفضيلة، وارزقهم البطانة الناصحة الصالحة التي تذكرهم إن نسوا، وتعينهم إن تذكروا، واجعلهم آمرين بالمعروف فاعلين له، ناهين عن المنكر مجتنبين له، ياسميع الدعاء.

هذا والله أعلى وأعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.



كتبه
سليمان بن أحمد بن عبد العزيز الدويش
أبو مالك
 

الأربعاء 2 يونيو 2010 م

المصدر: الشيخ سليمان بن أحمد الدويش