هواءٌ!
الحياة يا رَفيقي.. تلك التي كانت في حُبّ الذات العَلِيّة.. ترفرف بجناحي الإخلاص والامتثال.. تؤزُّكُ على بُغض الدُّنيا أزّا.. وتهمس في أُذنيك دوما.. " هَونا ما" وتُمَنّي روحك بِحواصِل الطّير الخُضر ورِفقة الأبَد..!
وتِلكَ النَّظرة التي استَولَت على ملامِحها وهي تَنظُرُ إلى جَسَدِه المُسجى أمامها بلا حِراك.. أفقَدَتها وأفقدَتني ذاك التَّوازُن المزعوم.. الذي كُنّا نحاول أن نستمر به في المشي على الخَطّ المستقيم.. ذلك الذي يمتَدُّ من باب منزِلي ابتداءً.. مرورا بِالسوق ومَقَرّ العَمَل ومحطة القطار وباقي مُفردات الدولاب الذي ندور فيه..!
تلك الروحُ السَّليبة.. منه ومنها.. فَجأة.. بلا نِزالٍ ولا شَرَف.. ولا حكاياتٍ نتفاخر أمام الصِّغار بنسبتنا إليها من قَريبٍ أو بَعيد..
الآنَ نُداري وجوهنا بِأَكُفّنا من صَغارِ قُربِنا منها كَثيرا.. أكثر مما يَجِب..! أَخَذَت تَهُزُّه.." بابا.. استيقِظ.. لم لا تُجِيبني..؟! "
تكادُ تجن.. تبحثُ حوله بلهفةٍ عن شيءٍ لا تعرفه.. شَيءٍ غالٍ وثَمين.. كَبَطّارِيّات لُعبتها التي لا تعمل إلا بها.. تبحث عنها وتَظُنّ أنها وجدتها هنا أو هُناك.. لَعَلَّهُا تعيدها إليه.. لَعَلَّهُ يفتح عينيه ويَتَحَرَّك.. يمشي ويتكلم.. يأكُلُ ويشرب.. يصحو وينام..
ابتَسَمتُ فجأة وأنا أنظُر لجسده الساكِن.. وروحي المُلقاة في الرُّكن تنتحب.. تلك الصغيرة لا تَعرِف أن هكذا عاش منذ زمن..ونعيش.. ويعيشون..!
دون تلك الهِبة الثَّمينة التي تَظُنّ أنها منقذته.. هكذا كان.. جَسَدا يَكِدّ لِيَستوفي مُتَطَلّبات الحياة.. حياة؟.. أيُّ حياة.. مسألة نسبية هي يا صديقي.. يقولون في بلادنا مجازا.. أن الساعي كالضواري.. في طلب الطعام والشَّراب والعَرينِ والصاحِبة والوَلَد.. فقط.. حَيّ..! رُبما..!
عموماً.. يختلف الرأي باختلاف الفِعل والمَقصد.. وروح الرائي..! فالحياةُ فيما أعلَم.. تلك التي لا يوقِفها سكون الأنفاس وصمتُ الجوارِح.. ليسَت تلك التي تطؤك بأقدامها.. وترضى أن يكون أقصى ما تراه منها.. نعلها..!
ليست تلك التي تصفعك مراراً.. فَتسلم لها خَدَّك الآخر.. ونفسك وقلبك.. فقط كي لا تَسلبك لُقمة.. أو جَرعة ماءٍ بارد..!
الحياة يا رَفيقي.. تلك التي كانت في حُبّ الذات العَلِيّة.. ترفرف بجناحي الإخلاص والامتثال.. تؤزُّكُ على بُغض الدُّنيا أزّا.. وتهمس في أُذنيك دوما.. " هَونا ما" وتُمَنّي روحك بِحواصِل الطّير الخُضر ورِفقة الأبَد..! وتُذَكِّرُك.. أن كُلّ ما عدا ذلك.. هواء..!
بسمة موسى
مهتمة بالقراءة في مجالات مختلفة والمجال الأدبي خاصة بفروعه المختلفة
- التصنيف:
- المصدر: