العقد النفسية من منظور شرعي
لا يمكن علاج الطبائع إلا بإيمان قوي وتسليم وانقياد لله تعالي، مع زهد في الدنيا وطمع في الآخرة
قد يمر الفرد ببعض الخبرات في حياته صغيراً فتترسب في شخصية مكونه بعض العقد النفسية بمرور الوقت ومع التكرار تصير طبائع من مكونات شخصيته، وبالتالي يصعب تعديلها أو علاجها.
ولا يؤثر في تلك الرواسب النفسية علم أو فقه أو برهان، وكما قيل التربية في الصغر كالنقش علي الحجر، والتعليم في الكبر كالنقش علي الماء.
فما الذي حمل فرعون علي اضطهاد بني إسرائيل وتعذيبهم وقتل نسلهم، سوى العظمة، حتي ادعي الألوهية، رغم ما رأى من آيات ربه علي يد موسي عليه السلام، وعلمه بما عليه موسي وأخيه من الحق، الذي لم يصدع به إلا عندما أدركه الغرق وتيقن الهلاك.
وما زعماء قريش منه ببعيد، وغيرهم الكثير والكثير ممن عانت منهم البشرية كهتلر وغيره، واليهود علي مر العصور بما يتلقونه من تعاليم التلمود والتوراة المحرفة، من كونهم شعب الله المختار، وأن الأمميين هم الحمير الذين خلقهم الله لخدمة شعبه المحتار، فكل الجرائم التي يندى لها الجبين وتأسف لها الإنسانية إنما انبثقت من مثل هذه المعتقدات، التي ربوا عليها صغاراً فتكونت في شخصياتهم.
وقد عاصرنا من أهل الفضل الذين تظهر عليهم الاستقامة واتباع السنة، وبمعاشرتهم وجدنا من الحاسد، ومن يعاني من مركب النقص، وفيهم المغرور، شهوة المال أو الجنس، فحملتهم مثل تلك الأمراض النفسية، علي ارتكاب بعض الأخلاق المذمومة التي أمر الشرع باجتنابها، وحث العرف عل عدم اتيانها، كل ذلك من أجل إشباع خلق مرذول تطبعت نفوسهم، وتكون من شخصياتهم.
ولا يمكن علاج تلك الطبائع إلا بإيمان قوي وتسليم وانقياد لله تعالي، مع زهد في الدنيا وطمع في الآخرة، ولا يتحصل ذلك إلا بصحبة الأخيار وملازمة الصالحين، وتدبر القرآن ، ودراسة سير الصالحين، والتزام دروس الزهد والرقائق.
محمد سلامة الغنيمي
باحث بالأزهر الشريف
- التصنيف:
- المصدر: