السِّمْط الجامع لما يَعِنُّ من خاطر لامع - 92- لا خيار إلا للكفار !!

منذ 2016-08-22

فإن كان العجب شديد من استدلالاتهم الشوهاء، فالأكثر عجبا تأمين سامعيهم على تراهاتهم كالبلهاء، فمال هؤلاء القوم لا يفقهون؛ وبالآيات التي قيلت في الكفارالأصليين على أنفسهم يُنزلون ؟!!

من أعجب ما قد تسمع من شنيع التٌراهات، وعظيم الفِرى والخرافات استدلال بعضهم غير الصائب  ببعض الآيات، فتراهم يعضدون شنيع أفعالهم، ببنت من بنات أفكارهم استولدوها بجهلهم من عميق سقيم أفهامهم !
- فقد سمعت أحدهم يجيب مذيعا فور تبوّئه منصبا دينيا رفيعا : كيف أجبر بناتي  يوما على ارتداء الحجاب  - يقصد الخمار المزين القصير  - وقد قال رب الأرباب: {لا إكراه في الدين} ؟!!
- بينما استنكرت إحدى الحقوقيات بملء فيها زعمت أمام كثير من  الشاشات: لقد أعطانا الله مطلق الحرية: من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر؛ فليست الطاعات على العباد جبرية !
فإن كان العجب شديد من استدلالاتهم الشوهاء، فالأكثر عجبا  تأمين  سامعيهم على تراهاتهم كالبلهاء، فمال هؤلاء القوم لا يفقهون؛ وبالآيات التي قيلت في الكفارالأصليين على أنفسهم يُنزلون ؟!!
فتلك الآيات نزلت في الكافرين، بينما المستدلون بها على أنفسهم  من المسلمين !!!

ولننظر ما جاء في تفسير كتاب ربنا العظيم :
{لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم} [ البقرة : 256].

"جاء في تفسير القرآن العظيم لابن كثير :

يقول تعالى : ( لا إكراه في الدين ) أي : لا تكرهوا أحدا على الدخول في دين الإسلام فإنه بين واضح جلي دلائله وبراهينه لا يحتاج إلى أن يكره أحد على الدخول فيه ، بل من هداه الله للإسلام وشرح صدره ونور بصيرته دخل فيه على بينة ، ومن أعمى الله قلبه وختم على سمعه وبصره فإنه لا يفيده الدخول في الدين مكرها مقسورا . وقد ذكروا أن سبب نزول هذه الآية في قوم من الأنصار ، وإن كان حكمها عاما . انتهى
{ وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا } [ الكهف : 29].

جاء في تفسير القرآن العظيم لابن كثير :

يقول تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم : وقل يا محمد للناس : هذا الذي جئتكم به من ربكم هو الحق الذي لا مرية فيه ولا شك ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) هذا من باب التهديد والوعيد الشديد ؛ ولهذا قال : ( إنا أعتدنا ) أي : أرصدنا (للظالمين ) وهم الكافرون بالله ورسوله وكتابه ( نارا أحاط بهم سرادقها ) أي : سورها" انتهى

بينما لا خيار لمسلم إلا الطاعة ، والتسليم لأمر خالقه قدر الطوق والاستطاعة !!

{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ْ} [الأحزاب : 36].

قال السعدي في تفسيره :.

"أي: لا ينبغي ولا يليق، ممن اتصف بالإيمان، إلا الإسراع في مرضاة اللّه ورسوله، والهرب من سخط اللّه ورسوله، وامتثال أمرهما، واجتناب نهيهما، فلا يليق بمؤمن ولا مؤمنة {إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا ْ} من الأمور، وحتَّما به وألزما به {أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ْ} أي: الخيار، هل يفعلونه أم لا؟ بل يعلم المؤمن والمؤمنة، أن الرسول أولى به من نفسه، فلا يجعل بعض أهواء نفسه حجابًا بينه وبين أمر اللّه ورسوله.

{ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ْ} أي: بَيِّنًا، لأنه ترك الصراط المستقيم الموصلة إلى كرامة اللّه، إلى غيرها، من الطرق الموصلة للعذاب الأليم، فذكر أولاً السبب الموجب لعدم معارضته أمر اللّه ورسوله، وهو الإيمان، ثم ذكر المانع من ذلك، وهو التخويف بالضلال، الدال على العقوبة والنكال." انتهى

وقال ابن كثير في تفسيره :  

مور ، وذلك أنه إذا حكم الله ورسوله بشيء ، فليس لأحد مخالفته ولا اختيار لأحد هاهنا ، ولا رأي ولا قول ، كما قال تعالى: { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما } [ النساء : 65 ] وفي الحديث :« والذي نفسي بيده ، لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به » (1) ولهذا شدد في خلاف ذلك ، فقال :{ ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا } ، كقوله تعالى:{ فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم }[ النور : 63 ]" انتهى

اللهم ارزقنا طاعتك، ولا تحرمنا - بذنوبنا - رحمتك آمين .

-----------------------------------------------------
(1) والذي نفسي بيده , لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به
* صححه الشيخ أحمد شاكر في عمدة التفسير رقم: 1/533، ** وضعفه الألباني في تخريج مشكاة المصابيح رقم: 166
*** وقال الشيخ العثيمين "معناه صحيح وهو ضعيف"مجموع فتاوى ابن عثيمين - الصفحة أو الرقم: 757/10

المقال السابق
100- إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا .
المقال التالي
97-إن شــــــــــــــاء !!