مع القرآن - أموال و أبناء المنافقين

منذ 2016-09-17

تعبوا في تحصيل الأموال وفي تربية الأولاد ثم لم يحصلوا إلا المشقة، لماذا؟ لأن الهمَ كل الهمِ كان الدنيا و تحصيلها و ليس للآخرة في القلوب من نصيب، وليس للرضا بالقضاء من موضع، فكانت مشقة التحصيل والخوف الدائم على فوات المنافع في الدنيا ثم حسراتٍ لا تنتهي يوم القيامة، اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك وتوفنا وأنت راض عنا

تعبوا في تحصيل الأموال وفي تربية الأولاد ثم لم يحصلوا إلا المشقة، لماذا؟ لأن الهمَ كل الهمِ كان الدنيا و تحصيلها و ليس للآخرة في القلوب من نصيب، وليس للرضا بالقضاء من موضع، فكانت مشقة التحصيل والخوف الدائم على فوات المنافع في الدنيا ثم حسراتٍ لا تنتهي يوم القيامة، اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك وتوفنا وأنت راض عنا.
{فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ*وَيَحْلِفُونَ بِاللَّـهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ وَلَـٰكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ*لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَّوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ} [التوبة: 55 - 57] .
قال السعدي في تفسيره :
يقول تعالى: فلا تعجبك أموال هؤلاء المنافقين ولا أولادهم، فإنه لا غبطة فيها، وأول بركاتها عليهم أن قدموها على مراضى ربهم، وعصوا اللّه لأجلها {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} والمراد بالعذاب هنا، ما ينالهم من المشقة في تحصيلها، والسعي الشديد في ذلك، وهم القلب فيها، وتعب البدن.
فلو قابلت لذاتهم فيها بمشقاتهم، لم يكن لها نسبة إليها، فهي -لما ألهتهم عن اللّه وذكره- صارت وبالاً عليهم حتى في الدنيا، ومن وبالها العظيم الخطر، أن قلوبهم تتعلق بها، وإرادتهم لا تتعداها، فتكون منتهى مطلوبهم وغاية مرغوبهم ولا يبقى في قلوبهم للآخرة نصيب، فيوجِب ذلك أن ينتقلوا من الدنيا {وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ}
فأي عقوبة أعظم من هذه العقوبة الموجبة للشقاء الدائم والحسرة الملازمة.
{وَيَحْلِفُونَ بِاللَّـهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ} قصدهم في حلفهم هذا أنهم { قَوْمٌ يَفْرَقُونَ} أي: يخافون الدوائر، وليس في قلوبهم شجاعةٌ تحملهم على أن يبينوا أحوالهم. فيخافون إن أظهروا حالهم منكم، ويخافون أن تتبرأوا منهم، فيتخطفهم الأعداء من كل جانب، وأما حال قوي القلب ثابت الجنان، فإنه يحمله ذلك على بيان حاله، حسنة كانت أو سيئة، ولكن المنافقين خلع عليهم خلعة الجبن، وحلوا بحلية الكذب.
ثم ذكر شدة جبنهم فقال: { لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً} يلجأون إليه عندما تنزل بهم الشدائد، {أَوْ مَغَارَاتٍ} يدخلونها فيستقرون فيها {أَوْ مُدَّخَلًا} أي: محلا يدخلونه فيتحصنون فيه {لَّوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ} أي: يسرعون ويهرعون، فليس لهم مَلكة، يقتدرون بها على الثبات.

#مع_القرآن

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
حسرات المنافقين
المقال التالي
الأصناف المستحقة للزكاة