دليل المسلم الجديد - [39] أنواع الحساب يوم القيامة

منذ 2016-09-29

الأصل أن يحاسب الناس كلهم في موقف القيامة، إلا صنفا من الناس، يتفضل الله تعالى عليهم، فيدخلهم الجنة من غير سبق حساب، ولا عذاب.

الحمد لله
الأصل أن يحاسب الناس كلهم في موقف القيامة، إلا صنفا من الناس، يتفضل الله تعالى عليهم، فيدخلهم الجنة من غير سبق حساب، ولا عذاب.

صفات الذين يدخلون الجنة من غير سبق حساب ولا عذاب
ظواهر الأدلة الشرعية تقرر أن الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب هم السابقون بالخيرات، وليسوا المقتصدين أو الظالمين لأنفسهم، وتوضيح ذلك فيما يلي:
أولا:
جاءت بعض الأحاديث النبوية الصريحة تقسم الناس ثلاثة أصناف، فيصف النبي صلى الله عليه وسلم السابقين بالخيرات فقط أنهم يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب.
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ} [فاطر:32]، فَأَمَّا الَّذِينَ سَبَقُوا بِالْخَيْرَاتِ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، وَأَمَّا الَّذِينَ اقْتَصَدُوا فَأُولَئِكَ يُحَاسَبُونَ حِسَابًا يَسِيرًا، وَأَمَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ يُحَاسَبُونَ فِي طُولِ الْمَحْشَر، ثُمَّ هُمُ الَّذِينَ تَلَافَاهُمُ اللهُ بِرَحْمَتِهِ، فَهُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ : {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر:34]، إِلَى قَوْلِهِ:  {لُغُوبٌ} [فاطر:35]»
رواه الإمام أحمد في (المسند:36/57) قال: حدثنا إسحاق بن عيسى، حدثني أنس بن عياض الليثي أبو ضمرة، عن موسى بن عقبة ، عن علي بن عبد الله الأزدي، عن أبي الدرداء به.
وهذا إسناد صحيح ، رواته ثقات، أولهم شيخ الإمام أحمد إسحاق بن عيسى البغدادي، وكذلك شيخه أنس بن عياض، وإمام المغازي موسى بن عقبة، وكلهم ذكروا في طبقة تلاميذ ومشايخ بعضهم.

ثانيا:
الآثار الواردة عن الصحابة في تفسير هذه الآيات تدل على أن السابقين بالخيرات هم الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب.
عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنه قال في تفسير الآية:
"هم أمة محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ورثهم الله كل كتاب أنزله؛ فظالمهم يغفر له، ومقتصدهم يحاسب حسابًا يسيرًا ، وسابقهم يدخل الجنة بغير حساب " رواه ابن جرير الطبري في (جامع البيان:20/465)
وعن أَبي وائل عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "هذه الأمة ثلاثة أثلاث يوم القيامة ؛ ثلث يدخلون الجنة بغير حساب، وثلث يحاسبون حسابًا يسيرًا، وثلث يجيئون بذنوب عظام حتى يقول: ما هؤلاء؟ وهو أعلم تبارك وتعالى، فتقول الملائكة: هؤلاء جاءوا بذنوب عظام إلا أنهم لم يشركوا بك، فيقول الرب: أدخلوا هؤلاء في سعة رحمتي، وتلا عبد الله هذه الآية: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا}"
رواه ابن جرير الطبري في (جامع البيان:20/465).
ثالثا:
تقريرات أهل العلم في هذا الموضوع توضح أيضا أن الذين يدخلون الجنة بغير حساب هم السابقون بالخيرات، ننقل منها ما يلي :
يقول الشيخ صالح الفوزان حفظه الله تعالى:
" من حقق التوحيد، يعني أنه لم يشرك بالله شيئاً، ولم يكن عنده شيء من المعاصي، هذا تحقيق التّوحيد، ومن بلغ هذه المرتبة دخل الجنة بلا حساب.
أما من كان في المرتبة التي قبلها، وهو الموحّد الذي عنده ذنوب، فهذا قد يُغفر له، وقد يعذب بالنار ثم يُخرج منها؛ لأن الموحّدين على ثلاث طبقات كما قال الله تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ}
الطبقة الأولى: الذين سلموا من الشرك ، وقد لا يسلمون من الذنوب التي هي دون الشرك، وهم الظالمون لأنفسهم، وهم معرضون للوعيد.
الطبقة الثانية: المقتصدون الذين فعلوا الواجبات وتركوا المحرمات، وقد يفعلون بعض المكروهات ويتركون بعض المستحبات، وهم الأبرار.
الطبقة الثالثة: التي سَلِمَت من الشرك الأكبر والأصغر ومن البدع، وتركت المحرمات والمكروهات وبعض المباحات، واجتهدت في الطاعات من واجبات ومستحبات، وهؤلاء هم السابقون بالخيرات، ومن كان بهذه المرتبة دخل الجنة بلا حساب ولا عذاب " انتهى من (إعانة المستفيد شرح كتاب التوحيد:1/74-75)
ويقول الشيخ عبدالله الغنيمان حفظه الله تعالى:
" الذين يسبقون إلى الجنة بغير حساب هم الذين يفعلون الواجبات ويتركون المحرمات والمكروهات، ويفعلون المستحبات، وهؤلاء هم الذين ذكرهم الله جل وعلا في أحد أقسام الذين أورثهم الله جل وعلا الكتاب، وهم الذين اصطفاهم الله تعالى، فهم السابقون بالخيرات بإذن ربهم ؛ لأن الله جل وعلا قسمهم ثلاثة أقسام: قسم ظالم لنفسه، وقسم مقتصد، وقسم سابق بالخيرات بإذن الله تعالى.
فهؤلاء الذين يسبقون بالخيرات بإذن الله جل وعلا هم الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، فيسبقون إليها قبل غيرهم، وهذا أيضاً لا يلزم منه أن الذين يحاسبون ولا يسبقون إليها يكونون أقل منهم درجة، فقد يكون الذين يحاسبون منهم من إذا دخل الجنة كان أعلى من السابقين الذين دخلوها بلا حساب، كما إذا كان الإنسان عنده جهاد وعنده أموال، ولكنه ينفق في سبيل الله تعالى وينفع عباد الله تعالى بأمواله، فهو يحاسب عن ماله: من أين جمعه وفيم أنفقه، ولا بد من المحاسبة، ولكن بعد المحاسبة قد تكون درجته أرفع من درجة الذين يسبقون إلى الجنة بغير حساب " انتهى من (شرح فتح المجيد:درس رقم 18/ص7 بترقيم الشاملة)
والله تعالى أعلى وأعلم.

الحساب يوم القيامة
روى الترمذي (3357) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةَ: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنْ النَّعِيمِ} قَالَ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَنْ أَيِّ النَّعِيمِ نُسْأَلُ فَإِنَّمَا هُمَا الْأَسْوَدَانِ وَالْعَدُوُّ حَاضِرٌ وَسُيُوفُنَا عَلَى عَوَاتِقِنَا؟ ( قَالَ: « إِنَّ ذَلِكَ سَيَكُونُ» حسنه الألباني في (صحيح الترمذي).
قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية:
" أي: ثم لتسألن يومئذ عن شكر ما أنعم الله تعالى به عليكم، من الصحة والأمن والرزق وغير ذلك، ما إذا قابلتم به نعمه من شكره وعبادته" انتهى من (تفسير ابن كثير:8 /474).
وروى الترمذي (2417) وصححه عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ».
صححه الألباني في (صحيح الترمذي).
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: قال قتادة: "إن الله سائل كل عبد عما استودعه من نعمه وحقه. والنعيم المسئول عنه نوعان: نوع أخذ من حله وصرف في حقه فيسأل عن شكره ونوع يأخذ بغير حله وصرف في غير حقه فيسأل عن مستخرجه ومصرفه" انتهى من (إغاثة اللهفان:1 /84) .
وقال أيضا:
"كل أحد يسأل عن نعيمه الذي كان فيه في الدنيا هل ناله من حلاله ووجهه أم لا؟ فإذا تخلص من هذا السؤال سئل سؤالا آخر هل شكر الله تعالى عليه فاستعان به على طاعته أم لا؟ فالأول سؤال عن سبب استخراجه والثاني عن محل صرفه " انتهى من (عدة الصابرين:ص 157).

الحساب يوم القيامة نوعان:
النوع الأول:
حساب عرض، وهذا يخص المؤمن، يُسأل عن عمله وعلمه ونعمة الله سبحانه التي منّ بها عليه، فيجيب بما يشرح صدره ويثبت حجته ويديم نعمة الله تعالى عليه.
وإذا عرضت عليه ذنوبه أقر بها فيسترها الله تعالى عليه ويتجاوز عنه.
فهذا لا يناقش الحساب ولا يدقق عليه ولا يحقق معه، ويأخذ كتابه بيمينه، وينقلب إلى أهله في الجنة مسرورا؛ لأنه نجا من العذاب وفاز بالثواب.
روى البخاري (6536) ومسلم (2876) عَنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله تعالى عنها عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : «مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ عُذِّبَ  قَالَتْ: قُلْتُ أَلَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} ؟ قَالَ: ذَلِكِ الْعَرْضُ».
قال الحافظ رحمه الله تعالى: " قَالَ الْقُرْطُبِيّ: مَعْنَى قَوْله "إِنَّمَا ذَلِك الْعَرْضُ" أَنَّ الْحِسَابَ الْمَذْكُورَ فِي الْآيَةِ إِنَّمَا هُوَ أَنْ تُعْرَضَ أَعْمَالُ الْمُؤْمِنِ عَلَيْهِ حَتَّى يَعْرِفَ مِنَّةَ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي سَتْرِهَا عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَفِي عَفْوِهِ عَنْهَا فِي الْآخِرَةِ" انتهى .
وروى أحمد (24988) عن أم المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله تعالى عنها قالت:  سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْحِسَابِ الْيَسِيرِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْحِسَابُ الْيَسِيرُ؟ فَقَالَ: «الرَّجُلُ تُعْرَضُ عَلَيْهِ ذُنُوبُهُ ثُمَّ يُتَجَاوَزُ لَهُ عَنْهَا إِنَّهُ مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ هَلَكَ». صححه الألباني في (ظلال الجنة:2/128) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
" المؤمن يحاسب ولكنه ليس حساب مناقشة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نوقش الحساب هلك -أو قال- عذب» لكنه حساب عرض" انتهى من (اللقاء الشهري:1 /378).
وقد روى البخاري (2441) ومسلم (2768) عن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ فَيَقُولُ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا ؟ فَيَقُولُ نَعَمْ أَيْ رَبِّ . حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ قَالَ : سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ . فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ. وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُونَ فَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ».

النوع الثاني :
حساب مناقشة ، وهذا حساب الله للكفار ، ومن شاء من عصاة الموحدين ، وقد يطول حسابهم ويعسر بحسب كثرة ذنوبهم . وهؤلاء العصاة من الموحدين يدخل الله منهم النار من شاء إلى أمد ، ثم يخرجهم فيدخلهم الجنة إلى أبد .
روى مسلم (2968) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: " قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: «هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ فِي الظَّهِيرَةِ لَيْسَتْ فِي سَحَابَةٍ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَهَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ فِي سَحَابَةٍ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ رَبِّكُمْ إِلَّا كَمَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا، قَالَ: فَيَلْقَى الْعَبْدَ فَيَقُولُ أَيْ فُلْ أَلَمْ أُكْرِمْكَ وَأُسَوِّدْكَ وَأُزَوِّجْكَ وَأُسَخِّرْ لَكَ الْخَيْلَ وَالْإِبِلَ وَأَذَرْكَ تَرْأَسُ وَتَرْبَعُ؟ فَيَقُولُ بَلَى قَالَ فَيَقُولُ أَفَظَنَنْتَ أَنَّكَ مُلَاقِيَّ؟ فَيَقُولُ: لَا، فَيَقُولُ فَإِنِّي أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي، ثُمَّ يَلْقَى الثَّانِيَ فَيَقُولُ أَيْ فُلْ أَلَمْ أُكْرِمْكَ وَأُسَوِّدْكَ وَأُزَوِّجْكَ وَأُسَخِّرْ لَكَ الْخَيْلَ وَالْإِبِلَ وَأَذَرْكَ تَرْأَسُ وَتَرْبَعُ؟ فَيَقُولُ: بَلَى أَيْ رَبِّ فَيَقُولُ أَفَظَنَنْتَ أَنَّكَ مُلَاقِيَّ؟ فَيَقُولُ: لَا، فَيَقُولُ فَإِنِّي أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي، ثُمَّ يَلْقَى الثَّالِثَ فَيَقُولُ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ آمَنْتُ بِكَ وَبِكِتَابِكَ وَبِرُسُلِكَ وَصَلَّيْتُ وَصُمْتُ وَتَصَدَّقْتُ وَيُثْنِي بِخَيْرٍ مَا اسْتَطَاعَ ، فَيَقُولُ هَاهُنَا إِذًا قَالَ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: الْآنَ نَبْعَثُ شَاهِدَنَا عَلَيْكَ، وَيَتَفَكَّرُ فِي نَفْسِهِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْهَدُ عَلَيَّ؟ فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ وَيُقَالُ لِفَخِذِهِ وَلَحْمِهِ وَعِظَامِهِ انْطِقِي، فَتَنْطِقُ فَخِذُهُ وَلَحْمُهُ وَعِظَامُهُ بِعَمَلِهِ وَذَلِكَ لِيُعْذِرَ مِنْ نَفْسِهِ وَذَلِكَ الْمُنَافِقُ وَذَلِكَ الَّذِي يَسْخَطُ اللَّهُ عَلَيْهِ» .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
" اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في قول الله تعالى: {لتسألن يومئذ عن النعيم} هل المراد الكافر، أو المراد المؤمن والكافر؟ والصواب: أن المراد به المؤمن والكافر، كل يسأل عن النعيم، لكن الكافر يسأل سؤال توبيخ وتقريع ، والمؤمن يسأل سؤال تذكير... سؤال المؤمن سؤال تذكير بنعمة الله عز وجل عليه ، حتى يفرح ويعلم أن الذي أنعم عليه في الدنيا ، تكرم عليهم بنعمته في الآخرة، أما الكافر فإنه سؤال توبيخ وتنبيه " انتهى ، باختصار من (لقاء الباب المفتوح:98 /9).

والله تعالى أعلى وأعلم.

المقال السابق
[38] الصراط
المقال التالي
[40] الجنة والنار