إلى طالبة العلم الجريحة (سمية أشرف) فتاة الأزهر الجريح وأخواتها

منذ 2010-11-11

عزيز والله جد عزيز علينا أن نجد أنفسنا مرغمين بعد هذا الصمت الطويل على ما نزل بك وبأخواتك ومع هذه المشغلة الرخيصة عنك من أمتك العليلة في كل حال أن نكرر فيك وفي مثيلاتك من طلاب العلم الأطهار اللواتي استخف بهن وبأقدارهن هذا الوغد الضابط الحقير ..




عزيز والله جد عزيز علينا أن نجد أنفسنا مرغمين بعد هذا الصمت الطويل على ما نزل بك وبأخواتك ومع هذه المشغلة الرخيصة عنك من
أمتك العليلة في كل حال أن نكرر فيك وفي مثيلاتك من طلاب العلم الأطهار اللواتي استخف بهن وبأقدارهن هذا الوغد الضابط الحقير، نكرر قول القائل


أعيدي النوح ُمعْوِلةً أعيدي وزيدي من بكائك ثم زيدي
وقومي في نساء حاسرات خوامش للنحور وللخدود
هو الخطب الذي ابتدع الرزايا
وقال لأعين الثقلين جودي.
في عام 1370هـ 1951 م تعطلت الدراسة بالأزهر الشريف من جراء تلعب أهواء السياسة به يومين ثم أسبوعا ثم أسبوعين، فكتب المفتش العام به فضيلة الشيخ محمود النواوي تحت هذا العنوان " الأزهر جريح فأدركوه"

يقول:
أعْزِزْ عليَّ بان أراك يا معقل العلم والثقافة ، ويا منبع المدنية طريحا تحت احتكام الأهواء، واختلاف النزعات والآراء وأنت أسوأ حالا مما قيل فيه:
لقد هزُلَت حتى بدا من هُزالها كُلاها وحتى سامها كلُّ مفلس
أعزز علي بان أرى أعداء الدين وخصوم الإسلام الذين ما فتئوا يحاربونك بكل وسيلة في السر والعلن، لأنه لا طيب لحياتهم وأنت في مصر تبث تعاليم الإسلام، وكلها حرية وإباء، ، وعزيمة ومضاء، وجهاد للأعداء، وقوة وفِتاء، يأبى القليلُ منها أن يمكن لجبارٍ في الأرض، أو يفتح لمستعمر قيد فتر. فالآن إذ هؤلاء يشمتون، ويفرحون، ويرتقبون ما كانوا يأملون بأيدينا لا بأيديهم.
لقد أفلحت سياستهم بعد أن مكنوا لمدنية الخلاعة ، والدعارة، والخنوثة، وفككوا قيود الدين حتى هان فهان معه منبعه، ومستقاه وهو الأزهر الشريف.


ثم أردف الشيخ المفتش الأزهري قائلا:

لقد جاء الوقت الذي تغلق فيه أبواب الأزهر باليوم واليومين، والأسبوع والأسبوعين، والشهر ، والشهرين، فما يحس أحد، ولا يحرك ساكنا!
إن أخوف ما أخاف أن تكون فتنة محبوكة، ومؤامرة مقصودة، يراد بها هدم الدين، ونقض دعائم المسلمين، فتتفرق كلمتهم، وتتمكن الأيدي الغاصبة منهم في جو صفاء، كما ضاعت خلافة الإسلام من قبل؛ فكانت مبدأ ضعف في الجملة، وإذن يَضْحى الشرق والمسلمون بأشمط عنوان السجودية،ويفقدوا حمامة السلام وعنوان الوئام، ومبلغ رسالات الله إلى جميع الأنام، ويهون الشرق والمسلمون على الله فما يبالي في أي واد أهلكهم .

أخوف ما أخاف أن تكون مؤامرة مدبرة يفعلها عدو مختبيء ، ويسلك إليها سبله، وأولها إيقاع البأس بيننا بأيدينا،فسياسة التفريق هي السياسة التي يعتمد عليها مهرة الساسة ؛ والعدو الكاشح فينا ما أوجف عليها من خيل ولا ركاب. ولما بلغ معاوية أن الأشتر النخعي مات في شربة عسل وكان من شيعة علي قال معاوية، إن لله جنودا منها العسل، فسيقول خصمنا - إن دامت الحال- إن لله جنودا منها الفشل.


لقد عرف العدو كيف يحقن خصمه بالمصل المخدر الذي يسهل به ارتكاب أكبر جريمة على الله، والدين،، والوطن، فما يفيق الناس إلا وقد وقعت الجريمة، ونفذ السهم ، وإلا فما بال هذا الأزهر الكريم الذي كان ملاذ اللائذ ، ومعاذ العائذ، ومفزع الملهوف، ونصفة المظلوم، والذي كان قوام كل مائل، وقصد كل جائر. والذي كان أعزَّ على كل نفس مؤمنة من كل عزيز عندها قد أصبح يئنُّ ، ويستغيثُ ولا مُغيث.
هذا الأزهر الذي كان يقضي بالحق في خصومات الدنيا ومشاكلها قد جاءت عليه قضية لا حاكم فيها إلا الله ( ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم) .


ثم قال الشيخ:
أما والذي نفسي بيده لئن تكن نوايا خبثت بمنبع الدين فإن الله خير الماكرين( هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي أمر ربك كذلك فعل الذين من قبلهم وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ) .
إن قضية الأزهر معلومة مفهومة، وكل مسلم مطالب بالنظر فيها، وعلى رأس الجميع ملوك الإسلام، فقد بدت ظاهرة استهانة واستهتار تنذر بسوء المصير، وعندئذ فستغل كل عنق في الأرض ربقة إثم لا قبل له باحتمالها، ولا سيما ولاة الأمور جميعا يوم يقوم الناس لرب العالمين :
فلا تحملي ذنبي وأنت ضعيفة فحمل دمي يوم الحساب عسير
كتب الشيخ الفاضل تلك المقالة الدامية ونشرت له بصحيفة الرسالة بالعدد 924 في الثامن من جمادى الآخرة عام 1370هـ 19 مارس عام 1951م ص 330.
كتب هذا قبل ان تبتلى مصر بأمثال هذا الضابط الوغد النقيب " عمرو بن عبد العظيم" الذي خان شرف اسمه، بقصده الإجرامي بإهانة الأزهر الشريف كله في عرضه - والعرض أغلى ما يحرص عليه الكريم- أهانه باعتدائه الوقح على إحدي طالبات العلم الشرعي فيه " سمية أشرف" الطالبة بكلية الدراسات الإسلامية بفرع جامعة الأزهر بالزقازيق على الهيئة والصورة المزرية به وبالمؤسسة التي لا يزال يحتمي بها. هذا الاعتداء ضاعف منه صمت ذوي الشأن والأمر فينا عليه وهي الجريمة غير المسبوقة في التاريخ على عرض الأزهر وشرفه.


لقد جادت أعين الثقلين على ما وقع على شرف الأزهر من هذا المجرم الأثيم الذي خان دينه،وخان أمانته،وخان أمته، وغدر بشرف وظيفته، وحقر كل معالم الأخلاق بجريمته باعتدائه على شرف أمته، وملته وما بقي له بعد جريمته من حظ في شرف ، ومن أسف أنه لم تجر بعد من ولي الدم وحامي الشرف دمعة، ولم نسمع له على الشرف المهيض صرخة و هو الذي مافتئ يعلم ويُعَلِّمُ أنَّ :
 
من خال أن المجد يدرك هَيِّنا فلينتظر بعد الهوان هوانا


إننا ونحن نقدر جهود الغياري من المحامين ورجال القانون الذين نهضوا لجريمة هذا الضابط من غير ذوي الشأن في الأزهر الشريف ونعلن اعتزازنا بوقفة القضاء الإداري الشامخ الأخير بحق الحرس المستعمر لجامعاتنا فإننا نتمنى على وزارة الداخلية أن تغسل سريعا أيديها من جريمة هذا المجرم بما يرد إليها اعتبارها، وتمكن القضاء من استكمال واجبه فيه حتى لا تحمل في الدنيا والآخرة أوزاره وأوزارا مع أوزاره وأوزارها ، وأن تسارع بالنزول على أحكام هذا القضاء فيما أصدره من أحكام عادلة، كما نأمل من أقارب هذا المجرم وذويه بما عُرف لأهل الشرقية من نخوة ورجولة أن يثأروا لكرامتهم ونخوتهم من ابنهم الضابط المجرم ، فيقضوا فيه بشرف قبل أن يقضي في القضاء القريب أو البعيد بعدله ،ويغسلوا كذلك أيديهم من عاره بكل سبيل ممكن ، بأن يعلنوا على الأشهاد براءتهم من ابنهم المجرم طلبا منهم لرضوان الله تعالى وقياما بحق الأمة والملة عليهم ، فإنه لا حرمة لثوب الغادر الفجر.


وإلى بنات الأزهر زميلات الطالبة "سمية أشرف" نقول : لا تسلمن أنفسكن وأختكن لليأس القاتل ،وإن باستطاعتكن أن تثأرن لها ولمعهدكم الجريح بالإبقاء على قضية زميلتكن حية نابضة بأن تطلقن اسمها فيما بينكن على بوابة الكلية التي وقع أمامها الاعتداء عليها من الضابط الغادر المجرم، واوصلن مخاطبة ذوي الضمائر والشأن بكل طريق ممكن حتى يثوروا معكن على الظلم قبل أن يزداد هياجه ،ويستفحل خطره، وكذلك مخاطبة أخواتكن في غير كليتكن وجامعتكن ليستعدوا للدائرة قبل أن تدور وقد قال الله جل جلاله( ولمن انتصر بعد ظلمه فألئك ما عليهم من سبيل *إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق ألئك لهم عذاب أليم) الشورى 41، 42. فكونوا بكتاب الله قدرا من قدر الله على الظالمين يغسل الله بكم عار الخاذلين والمعوقين (والله يقول الحق وهو يهدي السبيل)..


صدر عن جبهة علماء الأزهر في 19 من ذي القعدة 1431هـ الموافق 27 أكتوبر 2010م


 

المصدر: موقع جبهة علماء الأزهر