قاعدة ذهبية في الكرة وأخواتها!
عند غياب الخير تضيع الأموال والأعراض، وتشقى نفوس وتظمأ قلوب، وتتيه عقول وتشرد أحلام، وتحتشد ملايين ترقص، وتصبح الفاحشة أصلًا من أصول الحياة، وتصبح التفاهة موجة طاغية.
الخير أمر وجودي، والشر أصله عدمي؛ فإذا عُدم الخير جاء الشر ونبت وانتفش.
وهذه قاعدة نفيسة في القلوب وفي تربية الأبناء وفي واقع المجتمعات والسياسة وأحوال العالم وحضاراته.
فالأصل في الإنسان الظلم والجهل { إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب:72]، والظلم عدم العدل، والجهل عدم العلم؛ فإذا مَنّ الله تعالى عليه بالتوبة وعلّمه ارتفع جهله، وإذا مَنّ عليه وزكّاه ارتفع ظلمه.
فانحراف قلبك تعالجه أن تضع الخير وتزرعه فيطرد الشر، فإحسان الظن يطرد سوءه، والعفة تطرد الفاحشة. ابحث عن الخير لتطرد به الشر ولا تكافح الشر وتقعد فلن يزول إلا ببديل، ولو زال وتركت مكانه فارغًا لجاء شرٌّ آخر.
فمحبة الله تطرد محبة من سواه، وخوفه يطرد خوف ما سواه، ورجاؤه يطرد رجاء من سواه، وهكذا على هذا النسق.
والاهتمامات التافهة تُطرد من خلال معرفة وتحديد واستهداف الاهتمامات المحترمة والرغبة فيها.
لا تشتكي من انحراف الأبناء بل ازرع فيهم الخير واجهد في رعايته وزراعته تحت عينك، فلن تجد انحرافًا في غالب الأمر إلا ما شاء الله. أما إذا تركتهم في فراغ يفترسهم فستملؤه الشرور من حولهم ومن نفوسهم.
انسحاب الشعب المصري عن الاهتمام الجاد بالتغيير خاض به في الاهتمام بكيس سكر أو مباراة كرة، ولو حافظ على الاهتمام المحترم لفاز بما يريد، وبشرف.
لقد احتشد حول أغنية لمغني كوري العدد التالي (2 مليار و300 مليون إنسان) بما يساوي سكان أمريكا وأوروبا والصين.
عند غياب الخير تضيع الأموال والأعراض، وتشقى نفوس وتظمأ قلوب، وتتيه عقول وتشرد أحلام، وتحتشد ملايين ترقص، وتصبح الفاحشة أصلًا من أصول الحياة، وتصبح التفاهة موجة طاغية.
غلبة الشر الرافضي الصفوي جاء من غياب السنة، واستطالة الصهاينة جاء من غياب المسلمين، واستطالة العلمانيين والإباحيين جاء من غيبة أهل الحق وعجزهم أو تقصيرهم، واستطالة الغرب جاء من انسحاب الشرق الإسلامي.. وهكذا.
عندما ينسحب الخير من القلوب والنفوس، أو من المجتمعات، أو من عالم السياسة والحروب، أو من عالم الدول والحضارات يستطيل الشر ويملأ الفراغ؛ إذ لن يستمر الفراغ في هذه الحياة؛ فإن لم تملؤه أنت ملأه عدوك، شيطانا كان أو جنده.
لا بد للحق أن يتواجد تواجدًا تخلُص له فيه القلوب والأعمار، وتُنذر له النفوس وتَسْلم له، وأن يتواجد بقوة وجدية وشوكة، وأن تَخلُص له النفوس والحياة ليطارد الشر ويفضحه ويقمع الباطل وينفيه. وأخيرًا انظر الى هذه الآية وأعِد قراءتها من جديد وتأملها في ضوء ما سبق {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء:81].
مدحت القصراوي
كاتب إسلامي
- التصنيف: