مع القرآن - لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ

منذ 2016-12-09

إنهم مستعجلون بعذاب الله الذي إذا نزل لا يرد بأسه عن القوم المجرمين

الشريعة الإسلامية مسبوقة بشرائع نزلت على أممٍ، منهم من صدقها وناصرها وعمل بها ومنهم من كذبها.
عقوبة المكذبين إما كانت عاجلة في الدنيا ثم يحكم الله في الآخرة بالقسط ويجازيهم جزاء تكذيبهم وإما أخرها الله في الآخرة امتحانًا للفريقين، ومن أكبر الراسبين في تلك الاختبارات هؤلاء المكذبين الذين طالبوا ربهم بتعجيل العقوبة في الدنيا أو طلبوا من رسلهم أن يسألوا الله تعجيل عقوبتهم تحدياً لهم وتكذيباً للموعود، وسواء نزلت العقوبات في الدنيا أو أخرها الله ليوم الحساب فالجزاء قادم لا محالة والميزان عادلٌ ولا شك.
{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ ۖ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ * وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّـهُ ۗ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ۚ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} [يونس: 47 - 49]   .
قال السعدي في تفسيره: يقول تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ} من الأمم الماضية {رَّسُولٌ} يدعوهم إلى توحيد الله ودينه.
{فَإِذَا جَاءَ} هم {رَسُولُهُمْ} بالآيات، صدقه بعضهم، وكذبه آخرون، فيقضي الله بينهم بالقسط بنجاة المؤمنين، وإهلاك المكذبين {وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} بأن يعذبوا قبل إرسال الرسول وبيان الحجة، أو يعذبوا بغير جرمهم، فليحذر المكذبون لك من مشابهة الأمم المهلكين، فيحل بهم ما حل بأولئك.
ولا يستبطئوا العقوبة ويقولوا: {مَتَىٰ هَـٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} فإن هذا ظلم منهم، حيث طلبوه من النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه ليس له من الأمر شيء، وإنما عليه البلاغ والبيان للناس.
وأما حسابهم وإنزال العذاب عليهم، فمن الله تعالى، ينزله  عليهم إذا جاء الأجل الذي أجله فيه، والوقت الذي قدره فيه، الموافق لحكمته الإلهية.
فإذا جاء ذلك الوقت {لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} ، فليحذر المكذبون من الاستعجال بالعذاب، فإنهم مستعجلون بعذاب الله الذي إذا نزل لا يرد بأسه عن القوم المجرمين.

#مع_القرآن

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ
المقال التالي
نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ