اعتقال تمام أبو السعود.. (عيدية) فتح ومبادرتها للمصالحة!!

منذ 2010-11-29

قصة تستحق أن تحفر بماء الصدأ في سفر الإنجازات الفتحوية- الفياضية ( ولا يغرنكم ولا تصدقوا ما تسمعونه من تبرم الفتحاويين بولي نعمتهم الجديد فياض)، وبطبيعة الحال لن ننتظر أن تكسو مسحة من الخجل والإحراج وجه أي ناطق أمني ...


أكاديمية (ثورة الفتح) وغابة بنادقها ما زالت تعلمنا يوماً إثر آخر المزيد من دروس الوطنية الجديدة الملائمة لثوبها الفلسطيني الجديد، وآخر ما استجد من دروس لمن ينعتهم (مناضلو) فتح (بالطارئين على الثورة) هو تقديس الوقت وعدم تأجيل المهمات الصعبة لما بعد انقضاء المناسبات والأعياد، فالدولة التي تنتظرنا على مرمى رصاصة طائشة الهدف لا تحتمل تأجيل أي طارئ ولا غفلة عنه، حتى لو تطلب الأمر اعتقال المربية الفاضلة والأرملة تمام أبو السعود (أم عامر) من نابلس، قبل عيد الأضحى بيوم، ثم اعتقال نجلها الأصغر خضر (16 عاما) بعد أن أفلت شقيقه معتصم (19 عاما) من قبضتهم وكان من حصة الاحتلال الذي اعتقله وهو في طريقه للسفر إلى الخارج!


قصة تستحق أن تحفر بماء الصدأ في سفر الإنجازات الفتحوية- الفياضية ( ولا يغرنكم ولا تصدقوا ما تسمعونه من تبرم الفتحاويين بولي نعمتهم الجديد فياض)، وبطبيعة الحال لن ننتظر أن تكسو مسحة من الخجل والإحراج وجه أي ناطق أمني سيخرج ليبرر اعتقال السيدة تمام، ولا أن يتلعثم وهو يشرح دوافعهم لاعتقالها، أو يردّ بتردد على سؤال حول المغزى من كون هذه العائلة وغيرها تمثل هدفاً مشتركاً لهم وللاحتلال لا يتورعون عن تقاسم معتقليها بالتزامن!

ننتظر فقط أن نسمع موشح المخاتلة إياه حول تساوي النساء مع الرجال أمام قانون دايتون الفلسطيني، وعن خلو سجون فتح من أي معتقل سياسي، اللهم إلا من يقبض عليهم بتهم غسيل الأموال أو التحضير للانقلاب على السلطة، حتى لو كان الأمر بمستوى امتلاك مئة دينار تهرع عناصر الأجهزة المغوارة لمصادرتها وردم جدران البيوت بحثاً عن غيرها أو عن قطعة سلاح مدخرة لغرض مقاومة المحتل! وغني عن التذكير بأن تهمتي (غسيل الأموال والإعداد للانقلاب) هما الحجة الحاضرة لمصادرة أموال ذوي الشهداء والأسرى وسلاح المقاومة، وغني عن التذكير كذلك بأن حماس في الضفة لم تبادر لإطلاق رصاصة واحدة ضد الأجهزة الأمنية منذ بداية مرحلة استئصالها، وظلت توجه رصاصاتها العزيزة والنادرة تجاه الاحتلال، لكن منطق التآخي وحفظ حق الجيرة يأبى إلا أن يثير حمية الأجهزة الأمنية فتعدّ المساس بالمستوطنين مساساً مباشراً بها وتحضيراً للانقلاب على دويلتها التي سيكون من بنود نظامها حفظ حقوق المستوطنين كرعايا آمنين فيها!


نعود لحادثة اعتقال السيدة تمام أبو السعود، ولن نتحدث عن دافع أجهزة السلطة لاعتقال سيدة فاضلة ومربية تحظى بالاحترام والتقدير في وسطها، ومعروفة ومشهود لها بالخير والفضل، فهذه الأجهزة اقتحمت كل الخطوط الحمراء وما عادت تبالي بمقارفة المحرمات على اختلاف ضروبها، لكن التساؤل هو عن ردة الفعل على مثل هذا التجاوز الخطير، فصائلياً وحقوقياً وشعبيا، هل يعقل أن تغيب المبالاة بانتهاك الحرمات إلى هذه الدرجة؟ وهل سنشهد حالة صمت مماثلة لو غدا اعتقال النساء على خلفيات سياسية أمرا شائعاً ويومياً، أم أن قانون المرحلة المتهتكة هذه يقبل استساغة المحظور والتنكر للذات وشيوع منطق البلادة والاكتفاء برفض المنكر قلبيا؟! وإلامَ ستظل القبضة الأمنية الجائرة مكبلة لأصوات الرفض والإدانة، ومحيدة للعامل الاجتماعي والعشائري الذي نجده متعافياً ومستنفراً جميع قواه حين يتعلق الأمر بمشكلة عائلية تافهة، وخائراً ومتراجعاً ومتجرداً من المروءة حين يكون لزاماً عليه أن يقول كلمته وينحاز لأبنائه المظلومين والمعذبين بدون ذنب؟


عار على كل من يرتضي لحرائره الهوان وكل من يصمت عن معاملتهن معاملة المجرمين والجناة، والخزي للساكت عن الانتصار لخيرة نساء فلسطين ولأمهات الشهداء والأسرى حين يصبحن هدفاً لأجهزة الظلام والإرهاب.

أما القادة السياسيون الذين نشهد لهم حضوراً لافتاً حين يتعلق الأمر بعملية المصالحة فلهم نقول: لا أقل من أن نسمع اليوم منكم الموقف المطلوب إزاء ما يحدث في الميدان وخصوصاً اعتقال النساء الحرائر وإهانتهن والتحقيق معهن، ثم أن تدركوا أن عملية المصالحة باتت أكثر الملفات الفلسطينية مللاً وعبثية واستحالة، فلم يعد الأمر يستوعب أن تهدر ساعات وأيام في بحث مسألة محسومة ومعروفة نتائجها سلفا، والسلوك الفتحاوي صار محفوظاً عن ظهر غيب؛ لأن الدافع الحقيقي لتشددهم في الموضوع الأمني في الضفة هو أن مصيرهم مرتبط بما يجبونه من مستحقات مقابل استمرارهم في تقديم أبناء حماس والمقاومة قرابين لأمن الاحتلال، والتعتيم على هذه الحقيقة يقتضي منهم أن تساق سيدة كأم عامر للسجن وأن يعتقل نفر من خيرة شباب فلسطين وتلفق لهم تهمة الانقلاب على السلطة، ثم الخروج بفرية أن هذا هو الدليل على عدم جدية حماس في تحقيق المصالحة!


24/11/2010 م
 

المصدر: لمى خاطر - المركز الفلسطيني للإعلام