مع القرآن - ذرية من قومه

منذ 2016-12-25

لا تلتفت لكثرة المعاندين ولا تحزن من قلة المؤمنين فإنما هي سنن الله تتكرر.. المهم في كل ذاك أين أنت وأين موضع قدمك على الخريطة؟

آمن السحرة وظهرت الآية بكل وضوح أمام الجميع.
ثم: لم يؤمن مع موسى إلا (ذرية) أي شباب من قومه؛ لم يتربوا على الخوف كما تربى عليه الكبار الذين آسروا البقاء على دين الهالك فرعون خوفاً وجزعاً من بطشه.

لذا: لا تلتفت لكثرة المعاندين ولا تحزن من قلة المؤمنين فإنما هي سنن الله تتكرر.. المهم في كل ذاك أين أنت وأين موضع قدمك على الخريطة.. هل أنت مع أهل الحق أم أنك من أعداء موسى؟!

تأمل: {وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ؛ فَمَا آَمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ}[يونس:82-83]

قال السعدي في تفسيره: {وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} فألقي السحرة سجدًا حين تبين لهم الحق.

فتوعدهم فرعون بالصلب، وتقطيع الأيدي والأرجل، فلم يبالوا بذلك وثبتوا على إيمانهم.

وأما فرعون وملؤه، وأتباعهم، فلم يؤمن منهم أحد، بل استمروا في طغيانهم يعمهون.

ولهذا قال: {فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ} أي: شباب من بني إسرائيل، صبروا على الخوف، لما ثبت في قلوبهم الإيمان.

{عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ} عن دينهم.

{وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأرْضِ} أي: له القهر والغلبة فيها، فحقيق بهم أن يخافوا من بطشته.
{وَ}خصوصًا {إِنَّهُ} كان {لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ} أي: المتجاوزين للحد، في البغي والعدوان.

والحكمة -والله أعلم- بكونه ما آمن لموسى إلا ذرية من قومه، أن الذرية والشباب، أقبل للحق، وأسرع له انقيادًا، بخلاف الشيوخ ونحوهم، ممن تربى على الكفر فإنهم -بسبب ما مكث في قلوبهم من العقائد الفاسدة- أبعد من الحق من غيرهم.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
"وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ"
المقال التالي
كل فرعون وله سحرته