جهل متوهَّم.. وعجز متوهَّم
لا يوجد في الفطرة أثبت ولا أعمق ولا أكثر بداهةً وضرورية من معرفة الله تعالى، ولا يوجد في الفطرة مراد لذاته إلا الله
كم تخسر من العلم وكم تخسر من الإرادة بمجرد المعصية؟ فإذا بالعلم يُنسَى ويبهت أثره، وإذا بالإرادة تضطرب وتضعف وإذا بالعزم يلين ويتأخر، لم تفتقد هذا من حيث الطبع، بل فقدته بالمعصية نفسها.
ولو رجعت إلى ربك لوجدت الكثير وتذكرت الكثير مما غشته المعصية من العلم وأضعفته من الإرادة.
عندما تتوب إلى ربك وتستقيم على أمره تجد في نفسك من العلم ما تحتاج فقط إلى (التذكر) لتسترجعه وتجد من الإرادة ما يذهب بك إلى ربك تعالى ويبلّغك المنزل ويقطع بك سفرك الذي تريد، إذا استعنت بحوله تعالى وقوته.
في الفطرة يوجد علمٌ فُطرت عليه، وفيها من علم النبوة ما تعلمتَه وتلقيته، ونسيته بتأثير المعصية.
وفي الفطرة من إرادة الله ومحبته والقصد والتوجه إليه ما فُطرت عليه وأكده الوحي والرسالة..
لا يوجد في الفطرة أثبت ولا أعمق ولا أكثر بداهةً وضرورية من معرفة الله تعالى، ولا يوجد في الفطرة مراد لذاته إلا الله. فإذا ضعف العلم أو ضعفت الإرادة فهو أمر طارئ، «إني خلقت عبادي كلهم حنفاء، فأتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم» (البخاري: 2865)، إن الإنحراف طارئ، ومسبِباته من أعمالنا ومكاسبنا، ولو عدت لتفجّرت لك ينابيع الخير. وما كنت تتوهمه من ضعف عن الخير، وما يبدو لك من عدم القدرة على اللحاق بالصالحين والسابقين، ستعلم أن هذا وهْم وأنك أهدرت قوى وعطلت طاقات بداخلك لو رجعت اليها وتبت لتذكرت ولوجدت من القدرة على السير ما كنت تتوهم أنه مفقود.. هو ليس مفقودا بل أنت تتوهَّم ذلك، نحن نتوهم الجهل ونتوهّم العجز لنبقى عاطلين!
فقط عُدْ وتب واستقم ستتذكّر وستجد الكثير من العلم والمعرفة، ومن الطاقة والقوة والإرادة..
وكل هذا تجده في سؤال ربك تعالى لك {أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ} [السجدة: 4]؟.
مدحت القصراوي
كاتب إسلامي
- التصنيف: