مع القرآن - جزاء المعاندين وثواب المؤمنين

منذ 2017-01-09

ضلوا بأنفسهم وسعوا في إضلال غيرهم بسبب بغضهم للحق ونفورهم عنه

ضلوا بأنفسهم وسعوا في إضلال غيرهم بسبب بغضهم للحق ونفورهم عنه مع إمكانهم سماع الحق والانتفاع به و لكنهم أبوا مجرد السماع بإنصاف كأنما أصابهم الصمم و أبوا أن يبصروا الحق و يتأملوا فيما حولهم كأنهم عميان فكانت النتيجة أن خسروا أنفسهم بما قدمت أيديهم:

{أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الأرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ * لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأخْسَرُونَ* إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [هود: 20-23] .
قال السعدي في تفسيره: {أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الأرْضِ} أي: ليسوا فائتين الله، لأنهم تحت قبضته وفي سلطانه.
{وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ} فيدفعون عنهم المكروه، أو يحصلون لهم ما ينفعهم، بل تقطعت بهم الأسباب.
{يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ} أي: يغلظ ويزداد، لأنهم ضلوا بأنفسهم وأضلوا غيرهم.
{مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ}  أي: من بغضهم للحق ونفورهم عنه، ما كانوا يستطيعون أن يسمعوا آيات الله سماعًا ينتفعون به {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ * فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ} [المدثر: 49-51] {وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ}  أي ينظرون نظر عبرة وتفكر فيما ينفعهم وإنما هم كالصم البكم الذين لا يعقلون
{أُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ}  حيث فوتوها أعظم الثواب واستحقوا أشد العذاب {وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} أي اضمحل دينهم الذي يدعون إليه ويحسنونه ولم تغن عنهم آلهتهم التي يعبدون من دون الله لما جاء أمر ربك
{ لا جَرَمَ } أي حقًا وصدقًا {أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأخْسَرُونَ} حصر الخسار فيهم بل جعل لهم منه أشده لشدة حسرتهم وحرمانهم وما يعانون من المشقة والعذاب نستجير بالله من حالهم.
ولما ذكر حال الأشقياء ذكر أوصاف السعداء وما لهم عند الله من الثواب: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.

قال السعدي في تفسيره: يقول تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا} بقلوبهم، أي: صدقوا واعترفوا، لما أمر الله بالإيمان به، من أصول الدين وقواعده.
{وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} المشتملة على أعمال القلوب والجوارح، وأقوال اللسان. {وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ} أي: خضعوا له، واستكانوا لعظمته، وذلوا لسلطانه، وأنابوا إليه بمحبته، وخوفه، ورجائه، والتضرع إليه.

#مع_القرآن

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
"يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا"
المقال التالي
دائمًا هما فريقان