رسالة إلى الإخوة المسلمين في تونس الخضراء
إن بيننا وبينكم وشيجة الأخوة الإسلامية، التي هي أوثق الروابط وأبقاها، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، وقال سبحانه: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}...
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه الأمين، وعلى آله
وصحبه أجمعين، أما بعد:
أيها الإخوة المسلمون في تونس؛ السلام عليكم ورحمة الله
وبركاته:
إن بيننا وبينكم وشيجة الأخوة الإسلامية، التي هي أوثق الروابط
وأبقاها، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ
}، وقال سبحانه:
{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ
بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}،
وقال صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم
كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى
»، وقال صلى الله عليه وسلم:
«المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً
» وشبك بين أصابعه.
أيها الإخوة المسلمون في تونس: انطلاقاً من رابطة الأخوة الإسلامية
فإنه يسرنا ما يسركم ويسوؤنا ما يسوؤكم، وهذا هو الواجب بين المؤمنين
أن يشاركوا إخوانهم المؤمنين في آمالهم وآلامهم.
أيها المسلمون في تونس: إن ما حدث في بلادكم هذه الأيام من
الاضطرابات هو من الفتن التي يجب على المسلمين أن يعتصموا فيها بكتاب
الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فعن علي رضي الله عنه قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إنها ستكون فتنة
» قلت: فما المخرج منها يا رسول
الله؟ قال: «كتاب الله؛ فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم،
وحكم ما بينكم» الحديث، وفيه:
«ما تركه من جبار إلا قصمه الله، وما ابتغى
الهدى من غيره إلا أضله الله»،
وقال صلى الله عليه وسلم: «ستكون فتن، القاعد فيها خير من القائم،
والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، من تَشرَّف
لها تستشرفْه».
فاحذروا أن تنساقوا مع الأهواء المضلة بالعدوان على الأنفس والأعراض
والأموال، وكونوا متعاونين على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم
والعدوان، واعلموا أن ما جرى وما يجري في هذا الوجود فإنه بقدر الله،
ولله في ذلك حكم بالغة، والله تعالى يبتلي عباده بالحوادث التي يميز
بها الخبيث من الطيب، قال تعالى:
{أَحَسِبَ النَّاسُ
أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ *
وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ
الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ
}،
{وَلَيَعْلَمَنَّ
اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ
}.
وإن الموفق في هذه الفتنة من يعمل على إطفائها، محكِّماً كتاب الله
وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي يجب أن يكون دستور جميع
الدول الإسلامية، وإن من الواجب على عموم المسلمين في تونس وعلى ذوي
العقل والرأي الرشيد خاصة أن يعملوا على ضبط الأمن وحماية المستضعفين
من عدوان المعتدين، وعصابات المفسدين، كما نهيب بأهل العلم في أن
ينهضوا بمسؤوليتهم وأن يأخذوا بزمام المبادرة قبل فوات الفرصة.
هذا؛ وإنكم في الأيام القادمة ستبتلون بالانتخابات، فاجعلوا أهم
أمركم إقامة شرع الله الذي به صلاح الدنيا والآخرة، فلا تمدوا أيديكم
ولا تمنحوا أصواتكم إلا لمن يكون ولاؤه للإسلام، ومن تأمنونه على
دينكم ودنياكم.
نسأل الله أن يولِّي عليكم من يكون به صلاح أمركم، واجتماع كلمتكم،
وألا يشمت بكم عدواً ولا حاسداً، إنه سبحانه سميع مجيب، وصلى الله
وسلم على نبينا محمد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخوكم
عبد الرحمن بن ناصر البراك
الأستاذ (سابقاً) بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المملكة العربية السعودية
10 صفر 1432هـ
عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود
- التصنيف: