نظرتنا للنعيم

منذ 2017-02-26

ليتنا نعي الفارق الشاسع بين نظرتنا للنعيم وبين نظرة النبي صلى الله عليه وسلم

الأكثرية يعلوها الضجر والتسخط دون الالتفات إلى نِعَم الله التي لا تحصى.

دائماً ما ينظر المرء إلى مافي يد غيره ناسياً أو متناسياً ما لديه هو، وليس لدى هذا الآخر من نِعَم، و كأن الدنيا خلقت لنجمع فيها كل الطيبات دون أي تعكيرٍ أو ابتلاءٍ أو اختبار، و كأننا نشترط على الله أن يبتلينا فقط بالسراء دون الضراء ولو أصابتنا قلة في بعض الرزق أو العافية أو المناصب أو الأولاد لتسخطنا وما رضينا.

 

لو تأملنا حالنا لوجدنا أننا نريد الجنة على الأرض كاملةً وكأن الدنيا دار قرار لا فناء فيها.

نظرتنا للنعيم يعتريها القصور التام والفهم العميق لجوهرالوجود والغاية من الخلق، فالله تعالى خلقنا لغايةٍ واحدة هي التوحيد الخالص، وإفراده وحده بالعبادة وجعل من عطايا الدنيا أدوات لتلك العبادة لا أكثر فالدنيا ليست في حذ ذاتها غاية.

ومن هنا فتوفر بعض أدوات الدنيا للإنسان هي اختبار يختبر الله به عبده في عبادة (الشكر) وعدم توفر بعض الأدوات أو منعها عن الإنسان هي اختبار يختبر الله به عبده في عبادة (الصبر) .

والآن لنا أن نقارن بين نظرتنا للنعيم ونظرة النموذج المتكامل للمسلم في الدنيا (نظرة رسول الله صلى الله عليه و سلم).

روى الإمام مسلم بسنده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، قَالَ: مَا أَخْرَجَكُمَا مِنْ بُيُوتِكُمَا هَذِهِ السَّاعَةَ؟ قَالا: الْجُوعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: أَمَّا أَنَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لأَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكُمَا، قُومُوا. فَقَامُوا مَعَهُ، فَأَتَى رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ، فَإِذَا هُوَ لَيْسَ فِي بَيْتِهِ فَلَمَّا رَأَتْهُ الْمَرْأَةُ قَالَتْ: مَرْحَبًا وَأَهْلا، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيْنَ فُلانٌ؟ قَالَتْ: ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا مِنَ الْمَاءِ، إِذْ جَاءَ الأَنْصَارِيُّ، فَنَظَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَاحِبَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، مَا أَجِدُ الْيَوْمَ أَكْرَمَ أَضْيَافًا مِنِّي، فَانْطَلَقَ فَجَاءَهُمْ بِعِذْقٍ فِيهِ بُسْرٌ وَتَمْرٌ وَرُطَبٌ، فَقَالَ: كُلُوا مِنْ هَذِهِ, وَأَخَذَ الْمُدْيَةَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِيَّاكَ وَالْحَلُوبَ. فَذَبَحَ لَهُمْ فَأَكَلُوا مِنَ الشَّاةِ وَمِنْ ذَلِكَ الْعِذْقِ، فَلَمَّا أَنْ شَبِعُوا وَرَوُوا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمُ الْجُوعُ ثُمَّ لَمْ تَرْجِعُوا حَتَّى أَصَابَكُمْ هَذَا النَّعِيمُ» . . (مسلم: 2038).


ليتنا نعي الفارق الشاسع بين نظرتنا للنعيم وبين نظرة النبي صلى الله عليه وسلم ....


 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.