مع القرآن - الصفح الجميل والله الموعد

منذ 2017-03-08

المطلوب من المؤمن: أن يثبت على الإيمان حتى يلقى الله وألا يلتفت، وأن يتسم بصفةٍ جليلة هي صفة الصفح عندما تكون في موضعها الصحيح الذي لا يتسبب في ضعف الأمة وعندما يكون الصفح في موضعه فالأجمل والأكمل هو أن يكون الصفح جميلاً أي خالياً من التشفي والأذى، بل مصحوباً بالإحسان حتى يأتي وعد الله ووعد الله حق لا مرية فيه.

مخدوع بلا عقل ... لا ينظر إلا أسفل قدمه ...هذا الذي يفلسف الكون العظيم فلسفاتٍ ماديةٍ بحتة ظناً منه بأنه حاز السبق العقلي والعلمي.

والسر في غبائه أنه لم يعلم قدر الله ولم يدرك أن الكون الهائل المتسع بملايين السنوات الضوئية التي وصل لها الإنسان حتى الآن إنما هو السماء الأولى فقط.

وهي وما فوقها من أجرامٍ هائلة لا يتخيلها الإنسان ولم يصل لمجرد تصورها حتى الآن مطويات بيمين الرحمن يوم القيامة.

خلق الله كل هذا لتتحقق عبوديته في الأرض والسماء، فآمن من في السماء وأذعن كل أهلها وأما الأرض فأهلها بين مؤمنٍ وكافر، وللأسف فالمؤمن قليل والأكثرية بعيدة كل البعد عن الإيمان {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف: 103] .

المطلوب من المؤمن: أن يثبت على الإيمان حتى يلقى الله وألا يلتفت، وأن يتسم بصفةٍ جليلة هي صفة الصفح عندما تكون في موضعها الصحيح الذي لا يتسبب في ضعف الأمة وعندما يكون الصفح في موضعه فالأجمل والأكمل هو أن يكون الصفح جميلاً أي خالياً من التشفي والأذى، بل مصحوباً بالإحسان حتى يأتي وعد الله ووعد الله حق لا مرية فيه.

{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ * إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاقُ الْعَلِيمُ} [الحجر: 85 - 86].

قال السعدي في تفسيره:

أي: ما خلقناهما عبثًا وباطلاً كما يظن ذلك أعداء الله، بل ما خلقناهما {إِلا بِالْحَقِّ}  الذي منه أن يكونا بما فيهما دالتين على كمال خالقهما، واقتداره، وسعة رحمته وحكمته، وعلمه المحيط، وأنه الذي لا تنبغي العبادة إلا له وحده لا شريك له، {وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ} لا ريب فيها لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} وهو الصفح الذي لا أذية فيه بل يقابل إساءة المسيء بالإحسان، وذنبه بالغفران، لتنال من ربك جزيل الأجر والثواب، فإن كل ما هو آت فهو قريب، وقد ظهر لي معنى أحسن مما ذكرت هنا.

وهو: أن المأمور به هو الصفح الجميل أي: الحسن الذي قد سلم من الحقد والأذية القولية والفعلية، دون الصفح الذي ليس بجميل، وهو الصفح في غير محله، فلا يصفح حيث اقتضى المقام العقوبة، كعقوبة المعتدين الظالمين الذين لا ينفع فيهم إلا العقوبة، وهذا هو المعنى.
{إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاقُ} لكل مخلوق {الْعَلِيمُ}  بكل شيء، فلا يعجزه أحد من جميع ما أحاط به علمه وجرى عليه خلقه، وذلك سائر الموجودات.

#مع_القرآن

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
تكذيب رسول كفر بالجميع
المقال التالي
جعلوا القرآن عضين