هاكم روايتي عن أعدائي الثلاثة..!
يكتمل إيمانك ويَخلُص، فتنتصر على أعدائك الثلاثة: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}
(حوار افتراضي)
-قل لي بربك..! عدوٌ مرئي، وعدوٌ خفي، وعدوٌ من نفسي..!! دُنيا وشيطانٌ وهَوَى..!! ثلاثة من كل جانب.. كيف النجاة منهم "وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا"..؟؟!!
-عدوُّكَ المرئيُّ يا أخي -الدنيا- لَهُوَ أيسرُهم عليك في المبارزة من أعدائك الخفية الأخرى، لا ريب.. فلَقِّن عقلَك كل يوم حقائقَ الدنيا، و {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ} ، وقل {مَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ} .. وبالتالي: {فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} ، {وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ} .. وبالتالي كذلك {أَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} ، ومن ثَمّ صاحب الذين {لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادً} ..
{أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ} ..؟؟!!..
-لكني أحبها.. الدنيا حلوة خضرة فاتنة..؟!
-أعلم ذلك جيدا.. وأخشى عليك.. {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ} ، {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا } .. !!
-فليكن..! أحبها ويميل إليها قلبي وأريدها.. ما الضير.. أتُحَرِّمون ما أحل الله؟؟!!
-الضير في فتنة الدنيا إن فُتِحَتْ لك وتعلق بها قلبك.. {زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } .. {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} .. فكيف يميل إليها عاقل..؟!
-وماذا لي عند ربي إن غلبتُها وصبرتُ عنها؟
- {فَآَتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآَخِرَةِ} .. و { لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } .. و {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيرِ حِسَاب} ..
-فذاك عَدُوِي المَرئيُ قد غلبتَني في شأنه.. فما قولُك في عدوي الخفي؟... الشيطان؟.. أأغلِبُ الدنيا أنا ثم يغلبني هو!! أما علمتَ أنه {يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ} ؟؟!! من له طاقة بقبيلة من شياطين قد قال رئيسهم {ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} ..!، {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} !
-أنت ضعيف.. وكذلك عدوك.. {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} .. لكنك أقوى بربك ومرحوم، {إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} .. بينما عدوك مخذول مطرود ملعون يائس من رحمة الله {إِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ} .. فأي حزب هو الغالب؟.. ألا {إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} ..
-وما كيدُه..؟
- {زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} .. و {الْوَسْوَاسِ} .. و {خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} ..
-فكيف لي بقتال زخرفِه ووسواسِه وخطواتِه.. وأين المفر؟
- {لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} .. هو واضح مبين رغم خفائه فتوقف أنت عند أول خطوة ولا تتبعها بأخرى.. {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} و لُذْ بربك و اعتصم به يحميك منه.. و قل {أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ مِنْ شَرِّ الوَسْوَاسِ الخَنَّاسِ} يكفيك ما أهمك منه.. {و قل رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ} .. ثم تسألني أين المفر؟!.. {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ} ..!
-والنتيجة إن جاهدتُه...؟
- {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} .. {إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ} ..
-حسنا.. وثالثُ أعدائي.. الهَوَى..؟ ذاك العدو من داخلي..!! أأقاتل نفسي..!!؟
- نعم قاتلها لتعيش في سلام معها، ونفسك إن لم تقاتلْها أهلكَتْك.... فـ {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} .. و {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} أسيرة معتقلة بما عملت.. قاتلها قبل {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا} ، وقبل {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا} ، وقبل {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا} ..
قاتلها فقد {أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} ..
-وكيف يقاتل أحدنا نفسه التي بين جنبيه...؟؟!
- {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} .. لا كما تهوى وتحب وتشتهي نفسُك..
-وكيف ذاك...؟!
- {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} أولا، علما وعملا... {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} ثانيا، قولا وفعلا.. و {اعبد الله مخلصا له الدين} ثالثا حياةً ومماتًا.. {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} رابعا ما كانت فيك أنفاس..
-والنتيجة إن أنا غلبتُها وألجمتُ هواي...؟
-يكتمل إيمانك ويَخلُص، فتنتصر على أعدائك الثلاثة: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} .. ومأواك في الجنة بإذن رب رحيم: {وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} ..
-وكيف أعرف ما قد أُمِرتُ به حتى أستقيم عليه...؟
- {قَدْ فَصَّلْنَا الآَيَاتِ} .. {وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا} .. {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} ..!!.. {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُنَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} ..؟
-لكني ضعيف.. وحيد.. مكسور.. حقا قد خارت قواي أمام أعدائي كلهم.. وما لي في الأرض من ولي ولا نصير ولا واق...
- {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ} .. {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} .. {وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} .. و {وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ} ، و {إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} ، و {مَعَ الْمُؤْمِنينَ} ، و {مَعَ الذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنوُنَ} .. {وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ} .. {فَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} ...
-لكني من المصلين والله.. ولازلتُ مكسورًا..!
- {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} ..
-صدقتَ!.. قد كَسَرتَني فوق كسري تارة أخرى!.. فكيف أخشعُ وأنا أصلي..؟
-أكمِلِ الآية التي تليها.. {إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} .. لن يخشع إلا حامل هم الآخرة غير الغافل عنها، المتأهب للقاء الله كل طرفة عين..
-وقلبي.. كيف لي بتقلباته.. يتقلب علي كتعاقب الليل والنهار..! كيف أُثَبِّتُهُ..؟ إنه قلب مفتون..!
- {تَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} وتسكن وتثبت... فـ {رَتِّلِ اْلقرُآْنَ تَرْتِيلًا} .. ولْتقرأْهُ يا أخي {عَلَى مُكْثٍ} ، لماذا؟ {كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ} .. رتل رويدا وتدبر حتى يستقر الإيمان في قلبك ويثبت.. {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السََّاجِدِينَ} .. {واسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} ...
-زدني علما... زدني طَرقًا... زدني أَوبًا..
- {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ} ، {أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} .. كن منهم إذًا لتجد عونًا وتأييدًا بروح من الله وتثبيتًا منه عز وجل..
-فكيف ألحق بهم... وأكون منهم.. ثم كيف أثبت معهم...؟
- {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأشَدَّ تَثْبِيتًا} ... {وَأشَدَّ تَثْبِيتًا} .. {وَأشَدَّ تَثْبِيتًا} ...
{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا .. وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِين} ...
{فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيد} ...
أسماء محمد لبيب
كاتبة مصرية
- التصنيف: