مع القرآن - ليس المالك كالعبيد

منذ 2017-03-19

وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ

فضل الله بعض الناس على بعض في الرزق ليختبر هذا و يبتلي ذاك .
و هنا مسألة : هل يعتبر السيد المالك الغني أن حق خدمه عليه أن يشركهم في كل ملكه و جاهه و سلطانه ؟؟؟
من الإنصاف و العطف و الرحمة أن يعطيهم مما أعطاه الله فلا يتركهم في حاجة وفاقة , أما أن يشركهم فيما آل إليه فهذا ممتنع  عقلاً  فما بالك لو رأى العبد أو الخادم أنه هو صاحب المال و الجاه و السلطان  و أن السيد ليس له من ماله شيء؟؟؟
هذا يسمى غباء عقل و فساد قلب .
وهكذا لا يصح بحال أن تساوي بين الخالق و عبيده فضلاً عن أن تعتقد أن العبد هو الأحق بالاتباع و العبادة و أن ما يضعه من مناهج أو كلمات هي الأولى بالاتباع و هي الأنسب للعصر .
هذا كلام لا يقوله عاقل أو صاحب قلب سليم .
{ وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ }   [النحل 71] .
قال السعدي في تفسيره :
وهذا من أدلة توحيده وقبح الشرك به، يقول تعالى: كما أنكم مشتركون بأنكم مخلوقون مرزوقون إلا أنه تعالى {فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ }  فجعل منكم أحرارا لهم مال وثروة، ومنكم أرقاء لهم لا يملكون شيئا من الدنيا، فكما أن سادتهم الذين فضلهم الله عليهم بالرزق ليسوا { بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ }  ويرون هذا من الأمور الممتنعة، فكذلك من أشركتم بها مع الله، فإنها عبيد ليس لها من الملك مثقال ذرة، فكيف تجعلونها شركاء لله تعالى؟!
هل هذا إلا من أعظم الظلم والجحود لنعم الله؟!! ولهذا قال: { أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ }  فلو أقروا بالنعمة ونسبوها إلى من أولاها، لما أشركوا به أحدا.
أبو الهيثم 
#مع_القرآن

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
في كل طور من حياتك: أنت مختلف
المقال التالي
قبل أن تقف أمام رسالة الله محارباً