مع القرآن - مثالان في القرآن

منذ 2017-03-20

ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ

مثالان ضربهما الله ليوضح بجلاء أنه وحده من يستحق العبادة و أن من دونه فاقد للعطاء مفتقر إلى الله .
المثال الأول : لعبد مملوك فقير رزقه يأخذه من يد مولاه , كيف يساوي العقل السليم بينه و بين السيد الغني الذي يعطي بكرم وسخاء .
العقل الصحيح يقول أنهما لا يستويان .
فكيف ساوى المشرك بين الله الخالق المدبر القوي القدير و بين المخلوقات كالملائكة أو عيسى عليه السلام أو الأوثان أو غيرها من المعبودات .
كيف تساوي بين أمر الله و رسالته و بين أوامر المخلوق و منهجه , بل تترك أمر الخالق المدبر إلى أمر المخلوق و ينشرح صدرك باتباع المخلوق الضعيف .
المثال الثاني : رجلان من العبيد أحدهما أبكم و غير قادر على عمل فهو عبئ على سيده و أما الرجل الآخر فهو السيد نفسه و هو يعطي و يجزل العطاء مع كرم الفعال و السمات و الأخلاق .
بالطبع لن يساوي عقل سوي و قلب سليم بين هذا و ذاك فكيف يساوي العقل الصحيح أو القلب السليم بين المخلوق الضعيف المحتاج و بين الله القوي العزيز ؟؟!!!!و كيف يساوي بين أوامر الله و صراطه المستقيم و بين طريقة العبد المحتاج و ما يشير به من إملاءات و نصائح يريد أن يهدي بها البشرية و يصرفها عن منهج الله و صراطه ؟؟؟!!!1
{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ . وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَم لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ }   [النحل 75-76]
قال السعدي في تفسيره :
 ضرب تعالى مثلين له ولمن يعبد من دونه، أحدهما عبد مملوك أي: رقيق لا يملك نفسه ولا يملك من المال والدنيا شيئا، والثاني حرٌّ غنيٌّ قد رزقه الله منه رزقا حسنا من جميع أصناف المال وهو كريم محب للإحسان، فهو ينفق منه سرا وجهرا، هل يستوي هذا وذاك؟! لا يستويان مع أنهما مخلوقان، غير محال استواؤهما.
فإذا كانا لا يستويان، فكيف يستوي المخلوق العبد الذي ليس له ملك ولا قدرة ولا استطاعة، بل هو فقير من جميع الوجوه بالرب الخالق المالك لجميع الممالك القادر على كل شيء؟!!
ولهذا حمد نفسه واختص بالحمد بأنواعه فقال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ } فكأنه قيل: إذا كان الأمر كذلك فلم سوَّى المشركون آلهتهم بالله؟ قال: { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ }  فلو علموا حقيقة العلم لم يتجرؤوا على الشرك العظيم.
والمثل الثاني مثل { رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ }  لا يسمع ولا ينطق و { لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ}  لا قليل ولا كثير {وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ }  أي: يخدمه مولاه، ولا يستطيع هو أن يخدم نفسه فهو ناقص من كل وجه، فهل يستوي هذا ومن كان يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم، فأقواله عدل وأفعاله مستقيمة، فكما أنهما لا يستويان فلا يستوي من عبد من دون الله وهو لا يقدر على شيء من مصالحه، فلولا قيام الله بها لم يستطع شيئا منها، ولا يكون كفوا وندا لمن لا يقول إلا الحق، ولا يفعل إلا ما يحمد عليه.
أبو الهيثم 
#مع_القرآن

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
كيف تعبد ما لا يملك
المقال التالي
أمر الساعة كلمح البصر