مع القرآن - حجاب مستور

منذ 2017-04-09

{ وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا * وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا * نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا رَجُلا مَسْحُورًا * انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأمْثَالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلا} [ الإسراء 45-48] .

يحدثنا القرآن عن إعراض المعرضين عن منهجه و عن ذاك الحجاب السميك الذي صرف  أعينهم عن مقام الرسل و الربانيين من بعدهم و الران الذي غطى قلوبهم فحال بينهم و بين الإيمان بالحق و إن استمعوا إليه  بآذانهم حتى إذا ذكر الله و دعاهم داع إلى توحيد الخالق و اتباع منهجه إذا هم ينفرون و يولون الأدبار مسرعين .
وإذا اجتمعوا كانت نجواهم مهاجمة الرسالة و حامليها و التقليل من شأن الرسول صلى الله عليه و سلم و شأن منهجه و سنته  و المبلغين للرسالة من بعده.
 و ما يدي هؤلاء  أنهم بما يحملون من اعتقادات فاسدة  أضل  من حمير أهلهم .
{ وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا * وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا * نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا رَجُلا مَسْحُورًا * انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأمْثَالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلا} [ الإسراء 45-48] .
قال السعدي في تفسيره :
يخبر تعالى عن عقوبته للمكذبين بالحق الذين ردوه وأعرضوا عنه أنه يحول بينهم وبين الإيمان فقال:
{ وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ }  الذي فيه الوعظ والتذكير والهدى والإيمان والخير والعلم الكثير.
{ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا }  يسترهم عن فهمه حقيقة وعن التحقق بحقائقه والانقياد إلى ما يدعو إليه من الخير.
{ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً }  أي: أغطية وأغشية لا يفقهون معها القرآن بل يسمعونه سماعا تقوم به عليهم الحجة، { وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا }  أي: صمما عن سماعه، { وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآن }  داعيا لتوحيده ناهيا عن الشرك به.
{ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا }  من شدة بغضهم له ومحبتهم لما هم عليه من الباطل، كما قال تعالى: {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ }
{ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ }  أي: إنما منعناهم من الانتفاع عند سماع القرآن لأننا نعلم أن مقاصدهم سيئة يريدون أن يعثروا على أقل شيء ليقدحوا به، وليس استماعهم لأجل الاسترشاد وقبول الحق وإنما هم متعمدون على عدم اتباعه، ومن كان بهذه الحالة لم يفده الاستماع شيئا ولهذا قال: { إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى } أي: متناجين { إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ }  في مناجاتهم: { إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا رَجُلا مَسْحُورًا }  فإذا كانت هذه مناجاتهم الظالمة فيما بينهم وقد بنوها على أنه مسحور فهم جازمون أنهم غير معتبرين لما قال، وأنه يهذي لا يدري ما يقول.
قال تعالى: {انْظُرْ}  متعجبا {كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأمْثَالَ }  التي هي أضل الأمثال وأبعدها عن الصواب {فَضَلُّوا } في ذلك أو فصارت سببا لضلالهم لأنهم بنوا عليها أمرهم والمبني على فاسد أفسد منه.
{ فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلا }  أي: لا يهتدون أي اهتداء فنصيبهم الضلال المحض والظلم الصرف.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
نفور أهل الشرك و العناد من منهج الحق سبحانه
المقال التالي
يقول الملحدون : أئنا لمبعوثون ؟