مع القرآن - التحدي بالقرآن

منذ 2017-04-16

القرآن لا يصدر إلا من عالم بما كان و ما هو كائن و ما سيكون . يعلم من الأخبار ما لا يعلمه إلا من كان حياً سميعاً بصيراً شاهداً عليها جميعاً و يعلم من الأحكام و العقائد و الأخلاق و المعاملات ما يصلح لخلق خلقهم بيده و ما يفسد هذه المخلوقات . يستحيل على مخلوق أن يلم بتلك الأوجه من الشمول و الكمال أو أن يضع هذا المنهج المتكامل الذي يضمن الاستقرار و السعادة في الدارين . {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا } [الإسراء 88] .

تحدي صريح من الله لكل الإنس و الجن بأن يأتوا بمثل القرآن و لو تضافرت جهودهم عبر التاريخ الإنساني كله .

القرآن لا يصدر إلا من عالم بما كان و ما هو كائن و ما سيكون .

يعلم من الأخبار ما لا يعلمه إلا من كان حياً سميعاً بصيراً شاهداً عليها جميعاً و يعلم من  الأحكام و العقائد و الأخلاق و المعاملات ما يصلح لخلق خلقهم بيده و ما يفسد هذه المخلوقات .

يستحيل على مخلوق أن يلم بتلك الأوجه من الشمول و الكمال  أو أن يضع هذا المنهج المتكامل الذي يضمن الاستقرار و السعادة في الدارين .

{قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا   [الإسراء 88] .
قال ابن كثير في تفسيره :

يذكر تعالى نعمته وفضله العظيم على عبده ورسوله الكريم صلى اللّه عليه وسلم، فيما أوحاه إليه من القرآن المجيد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، ثم نبه تعالى على شرف هذا القرآن العظيم فأخبر أنه لو اجتمعت الإنس والجن كلهم واتفقوا على أن يأتوا بمثل ما أنزله على رسوله لما أطاقوا ذلك ولما استطاعوه، ولو تعاونوا وتساعدوا وتظافروا فإن هذا أمر لا يستطاع، وكيف يشبه كلام المخلوقين كلام الخالق الذي لا نظير له ولا مثال ولا عديل؟ وقوله:   { ولقد صرفنا للناس} الآية، أي بينا لهم الحجج، والبراهين القاطعة، ووضحنا لهم الحق وشرحناه وبسطناه، ومع هذا { فأبى أكثر الناس إلا كفورا} أي جحوداً للحق، ورداً للصواب.

 قال السعدي في تفسيره :

وهذا دليل قاطع، وبرهان ساطع، على صحة ما جاء به الرسول وصدقه، حيث تحدى الله الإنس والجن أن يأتوا بمثله، وأخبر أنهم لا يأتون بمثله، ولو تعاونوا كلهم على ذلك لم يقدروا عليه.
ووقع كما أخبر الله، فإن دواعي أعدائه المكذبين به، متوفرة على رد ما جاء به بأي: وجه كان، وهم أهل اللسان والفصاحة، فلو كان عندهم أدنى تأهل وتمكن من ذلك لفعلوه.
فعلم بذلك، أنهم أذعنوا غاية الإذعان، طوعًا وكرهًا، وعجزوا عن معارضته.
وكيف يقدر المخلوق من تراب، الناقص من جميع الوجوه، الذي ليس له علم ولا قدرة ولا إرادة ولا مشيئة ولا كلام ولا كمال إلا من ربه، أن يعارض كلام رب الأرض والسماوات، المطلع على سائر الخفيات، الذي له الكمال المطلق، والحمد المطلق، والمجد العظيم، الذي لو أن البحر يمده من بعده سبعة أبحر مدادًا، والأشجار كلها أقلام، لنفذ المداد، وفنيت الأقلام، ولم تنفد كلمات الله.
فكما أنه ليس أحد من المخلوقين مماثلا لله في أوصافه فكلامه من أوصافه، التي لا يماثله فيها أحد، فليس كمثله شيء، في ذاته، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله تبارك وتعالى.
فتبًا لمن اشتبه عليه كلام الخالق بكلام المخلوق، وزعم أن محمدًا صلى الله عليه وسلم افتراه على الله واختلقه من نفسه.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
لنذهبن بالذي أوحينا إليك
المقال التالي
القرآن أكبر من طلباتكم