لنتَفَكَّر مَعًا
ماذا عن آخر سؤال؟ لو دعى البوذي غير الله وتحقق ما معنى هذا؟ أولا معناه أنه أخذ بالأسباب، ثانيا معناه أن الله أراد تفعيل الأسباب! فليس معنى أنه يدعو غير الله أن الله سيعطل الأسباب. صحيح الله يستطيع ذلك، لكن الله لم يضع الأسباب في الكون لتتعطل مع الكافر ولتوافق المؤمن.
سألني بلهجته العامية :
هو الدعاء ماشي ازاي ؟ أقصد ممكن اتنين يدعوا ربنا بحاجتين متضادين والاتنين مسلمين .. مين يستجاب له ؟ مذاكرة + دعاء = نجاح ... مذاكرة - دعاء = نجاح برضة .. دعاء - مذاكرة = فشل .. الدعاء هنا إيه دوره في المعادلة دي ؟
ولما بنسمع عن واحد بوذي دعا إنه يخلف ولد وحصل هل كدا بوذا استجابله ؟ ولا ايه اللى حصل
فأجبته :
الدعاء له جانبان
الجانب الأول هو أن الدعاء عبادة المفروض أن المسلم يقوم بها ليس لتعويض الأسباب ولكن لإثبات أنه يعلم أن الأسباب من عند الله وليست قائمة بذاتها.
مثلا أنا وغير المؤمن نذاكر، أنا لا أدعو كي أعوض تقصيراً في المذاكرة بالدعاء، ولكن أدعو كي أحقق في قلبي إرجاع تفعيل الأسباب لله.
وهذا هو الاختلاف بين المؤمن وغير المؤمن، وهو أن المؤمن يؤمن أن الأسباب المادية فعالة بإذن الله، وغير المؤمن يؤمن أنها فعالة بذاتها.
هذا من جانب .
الجانب الثاني هو الدعاء بالتوفيق في الظروف التي لا علاقة لها بالجهد، فمثلا الصياد، يخرج في رحلة صيده ويتحرى وقت ومكان تواجد السمك، لكن يتبقى عنصر التوفيق، أو ما يسميه غير المؤمن "الحظ"، فيدعو المؤمن الله أن يوفقه في أن تبتلع الطعم سمكة جيدة المواصفات، لأن ابتلاع هذه السمكة بالذات للطعم لا علاقة له بالمجهود
لكن هناك سؤال جوهري له علاقة بالدعاء، لاسيما بالجانب الثاني وهو جانب التوفيق، وهو : ما هي " الاستجابة"، وما الفرق بينها وبين "التلبية"؟
يظن معظمنا أن الاستجابة هي التلبية، أو يخلط بينهما، لكن شتان بينهما!
التلبية تكون بعد الأمر الذي يصدر من الأعلى إلى الأدنى! ويكون لا اختيار للملبي بخصوص وقت التلبية ومكان التلبية ونوع ما يلبيه
فمثلا يطلب الرجل من خادمه كوب ماء, ليس للخادم هنا اختيار، فهو يجب عليه أن يأتي بكون ماء لا بشيء غيره، ويجب عليه أن يأتي به الآن وفي مكان طلبه وليس في وقت آخر.
لكن:
الاستجابة تكون متعلقة بالرجاء الذي يصدر من الأدنى إلى الأعلى! ولأن الرجاء صدر من الأدنى إلى الأعلى فيكون للمستجيب كل الاختيار بخصوص وقت الاستجابة ونوع ما يستجيب به .
فمثلا الابن يرجو من أمه كوب ماء, للأم هنا الاختيار، فهي يمكن أن ترى المصلحة في أن تأتي له بكوب ليمون بدلا من الماء، ويجوز أن ترى المصلحة في أن تأتي به في وقت آخر غير وقت الرجاء.
والعبد يدعو الإله رجاءا لا أمرا، والإله يستجيب لا يلبي.
فإذا علمنا هذه الحقائق زال الالتباس بخصوص اسئلتك .
حسنا:
ماذا عن آخر سؤال؟ لو دعى البوذي غير الله وتحقق ما معنى هذا؟ أولا معناه أنه أخذ بالأسباب، ثانيا معناه أن الله أراد تفعيل الأسباب! فليس معنى أنه يدعو غير الله أن الله سيعطل الأسباب. صحيح الله يستطيع ذلك، لكن الله لم يضع الأسباب في الكون لتتعطل مع الكافر ولتوافق المؤمن.
أحمد كمال قاسم
كاتب إسلامي
- التصنيف: