عقيدة الغيبة عند طائفة المهديين

منذ 2017-04-25

من العقائد المسلم به عند الشِّيَعة عقيدة الغيبة، وتعرف بأن الإمام الثاني عشر –محمد بن الحسن العسكري-غاب غيبتين:"الأولى: الغيبة الصغرى: وكانت سنة خمس وخمسين ومائتين(255هـ)، واستمرت أربعة وسبعين عاماً، وكان اختفاؤه في سرداب، وتم اختيار نائباً له ليكون واسطة بينه –أي الإمام وبين الشِّيَعة- ثم ثلاثة من بعده ليكون النواب عن الإمام أربعة.....

إن عقيدة الغيبة تعد من صميم عقائد الاثني عشرية، والتي يزعمون فيها غيبة إمامهم-محمد بن الحسن العسكري-، وأنه وقعت له غيبتان، الأولى: كانت مدتها أربعة وسبعين عاماً، وقد بدأت من عام 255ه، إلى عام 329ه، وسميت بالصغرى، والثانية: بدأت بنهاية الأولى، فكانت من عام 329ه، وسميت بالكبرى.
أولاً: التعريف بالغَيْبَة[1]:
لغة: يقال:"الغَيْبُ: كلُّ ما غاب عنك، تقول: غاب عنه غَيبةً وغيباً وغياباً وغيوباً ومغيباً، وجمع الغائب غيب وغياب، وغابت الشمس، أي غَرَبَتْ، وقولهم: غيَّبه غَيابُهُ، أي دفن في قبره"[2]، فمعنى الغيبة كما اتضح عند أهل اللغة يدور حول الغياب، وعدم العودة، فهو أمر غائب عنك، وتغيب أي مات ودفن.
اصطلاحاً: من العقائد المسلم به عند الشِّيَعة عقيدة الغيبة، وتعرف بأن الإمام الثاني عشر –محمد بن الحسن العسكري-غاب غيبتين:"الأولى: الغيبة الصغرى: وكانت سنة خمس وخمسين ومائتين(255هـ)، واستمرت أربعة وسبعين عاماً، وكان اختفاؤه في سرداب، وتم اختيار نائباً له ليكون واسطة بينه –أي الإمام وبين الشِّيَعة- ثم ثلاثة من بعده ليكون النواب عن الإمام أربعة هم: عثمان بن سعيد، أبو جعفر محمد بن عثمان، أبو القاسم الحسين بن روح، أبو الحسن علي بن محمد السَّمُري، وكانت نهاية الغيبة الصغرى بوفاة السَّمُري-خاتم السفراء والوكيل الرابع للمهدي-، الثانية: الغيبة الكبرى: وكانت سنة تسع وعشرين وثلاثمائة(329هـ) بوفاة النائب الرابع والأخير، وقبل وفاته بستة أيام أخرج للشيعة كتاباً منسوباً للمهدي جاء فيه: فقد وقعت الغيبة التامة، فلا ظهور إلا بعد أن يأذن الله، وذلك بعد طول المدة وقسوة القلب وامتلاء الأرض جوراً، وسيأتي من شيعتي من يدعي المشاهدة، فمن ادعاها فهو كذاب مفتر، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم"[3].
هذا هو اعتقاد الشِّيَعة في غيبة الإمام الثاني عشر-محمد بن الحسن العسكري-، ومن خالف هذا استحق اللعنة، وكان من أهل النار، وأكد النص أنه سيظهر من يدعي المشاهدة فالذي سيدعي أنه مرسل من قبل الإمام فهو كذاب، فعلى حد زعمهم فهم الآن بلا نائب ولا سفير بين الإمام والشِّيَعة، وقد جاء عند الطوسي-شيخ الطائفة- عند تعليقه على أبي بكر البغدادي أحد مدعي السفارة؛ "لأن عندنا أن كل من ادعى الأمر بعد السمري فهو كافر منمّس[4] ضال مضل"[5].
ثانياً: الغيبة في نظر المهديين:
إن أتباع أحمد الحسن كان لهم اعتقاد آخر، فهم يرون أن السفراء أربعة، ولا مانع من أن يكون هناك سفير خامس، وبالتالي حادوا عن اعتقاد الشِّيَعة الإِمَامِيَّة، بادِّعَائِهم الإمامة لليماني وأنه الممهد للإمام المهدي، فهم يثبتون أنهم من الشِّيَعة الإِمَامِيَّة الاثني عشرية ويعتقدون ما اعتقدوه، فقد جاء على لسان اليماني بعد أن ذكر معتقد اليهود والنصارى وأهل السنة في المهدي المنتظر، يقول:" أمّا الشِّيَعة الإِمَامِيَّة الإثنا عشرية، فقد كانوا يرجعون إلى أوصياء النبي من بعده وتابعوهم إمام تلو إمام، حتى وصلت الإمامة وخلافة النبي وخلافة الله في أرضه إلى خاتم الأوصياء الإمام محمد بن الحسن المهدي ومع أنّه كان غائباً عن أنظار العامة ويتصل مع شيعته عن طريق أحد خلّص المؤمنين، إلا إن الشِّيَعة تقبلوا هذا الوضع؛ لأن النبي والأئمة من بعده
مهدوا لغيبته  عليه السلاموذكروها في أحاديثهم"[6]. 
وأقر اليمانيُّ نفسُه نوابَ الإمام الأربعة وأن السفارة انقطعت بالرابع منهم، حيث قال:"وفي بداية غيبة الإمام  -كان له نواب أو سفراء أو أبواب سمّهم ما شئت، المهم أنهم جماعة من خلّص المؤمنين، كانت مهمتهم إيصال كتب المؤمنين ومسائلهم الشرعية للإمام، وإيصال أجوبة الإمام عليها، وإيصال توجيهاته إلى المؤمنين وسفراؤه هم: عثمان بن سعيد، ومحمد بن عثمان، والحسين بن روح، وعلي بن محمد، وانقطعت السفارة واتصال المؤمنين بالإمام بموت علي السمري ووقعت الغيبة التامة"[7].
من خلال ما سبق يتضح أن ما اتفق عليه المَهْدِيُّون يسير مع ما عليه الشِّيَعة، ومن قبله تأكيد على ضروريات المذهب الشيعي، ففيه رد واضح على المهديين، لكن نورد كلامهم ومخالفتهم لعموم الشِّيَعة.
إن جماعة أنصار أحمد الحسن أقروا بما سبق على لسان يمانيهم، أنّهم يعتقدون اعتقاد الشِّيَعة الإِمَامِيَّة الاثني عشرية، وهذا يجعلهم متناقضين في دعوتهم، فما موقف أنصار اليماني من ذلك؟ إذا كانوا يقولون بأن السفارة قد انقطعت بالسفير الرابع فلماذا ادعى اليماني أنه سفير ووصي ورسول الإمام المهدي، ثم إن الشِّيَعة يقرون بعدم وجود ذرية للإمام المهدي، واليماني يثبت له ذرية وينسب نفسه للإمام المهدي، كما شكك المَهْدِيُّون في الكتاب-التوقيع- الذي خرج به السمري قبل وفاته منسوباً للمهدي وفيه أن الغيبة التامة قد وقعت وأن لا ظهور بعده إلا أن يأذن الله، وهذا نص التوقيع الذي دار حوله الجدل والخلاف بين المَهْدِيّين والشِّيَعة الاثني عشرية: "روى الشيخ الطوسي في غيبته: وأخبرنا جماعة عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه قال:حدثني أبو محمد   عن أحمد بن الحسن المكتّب قال: كنت بمدينة السلام في السنة التي توفي فيها الشيخ أبو الحسن علي بن محمد السَّمُريرضي الله عنه فحضرته قبل وفاته بأيام فأخرج إلى الناس توقيعاً: بسم الله الرحمن الرحيم: يا علي بن محمد السَّمُري أعظم الله أجر إخوانك فيك، فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام، فاجمع أمرك، ولا توص إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغيبة التامة، فلا ظهور إلا بعد إذن الله تعالى ذكره، وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلب وامتلاء الأرض جوراً، وسيأتي لشيعتي من يدعي المشاهدة، ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفتر، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، قال: فنسخنا هذا التوقيع وخرجنا من عنده، فلما كان اليوم السادس عدنا إليه وهو يجود بنفسه، فقيل له: من وصيك من بعدك؟ فقال: لله أمر هو بالغه، وقضى! فهذا آخر كلام سمع منه، رضي الله عنه وأرضاه"[8].
" وهذا العام-329ه-هو بداية الغيبة الكبرى، ومنذ ذلك الحين انقطع اتصال الشِّيَعة بالإمام بصورة مباشرة وغير مباشرة، وحتى إذا ادعى أحد ذلك، فالشِّيَعة تكذبه بسبب النص الوارد في آخر خطاب ورد إليه من الإمام المهدي"[9].

--------------------------------- 

[1]  للمزيد عن تعريف الغيبة، انظر: تاريخ العقيدة الشيعية وفرقها، الميرزا فضل الله بن الميرزا نصر الله، المعروف بشيخ الإسلام الزنجاني، تقديم وتحقيق: غلام علي غلام علي نور اليعقوبي، ص144، الطبعة الأولى سنة 1428ه، مؤسسة الطبع والنشر التابعة للآستانة الرضوية المقدسة، إيران. وانظر: لماذا الغيبة؟ السيد محمد رضا الشيرازي، ص9 وما بعدها، ط2/1432ه = 2011م، دار الأثر، بيروت-لبنان. وانظر: فصول من العقيدة، الدكتور عبدالرسول الغفّاري، ص60، ط1/1413ه = 1992م، دار المحجة البيضاء، بيروت-لبنان.
[2] راجع: الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، لأبي نصر إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي، المتوفى: 393ه، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، ج1/196، مادة(غَيْب)، ط4/ 1407 ه‍  = 1987 م، دار العلم للملايين، بيروت-لبنان.

(2) دراسات في الفرق الإسلامية، الخوارج والشِّيَعة، الدكتور عادل درويش، الدكتور مصطفى مراد، ص338و339 (بتصرف)(مرجع سابق).
[4] النَّمَسُ، بالتحريك: فساد السَّمْن والغالية وكل طيب ودهن إذا تغير وفسد فساداً لزجاً، ونّمَّسّ الشَّعر: أصابه دهن فتوسخ، ونَمَّسَ الأَقِطُ فهو مُنَمِّسٌ إذا أَنْتَنَ. انظر: لسان العرب، مادة نمس، ص4547.
[5] الغيبة للطوسي، ص258(مرجع سابق).
[6] العِجْل، الجزء الأول والثاني، تأليف: السيد أحمد الحسن، ص141، ط2/1433ه = 2012م، إصدارات أنصار الإمام المهدي عليه السلام .
[7] العجل، ص144و145(مرجع سابق).
[8] الغيبة، للطوسي، ص245، 246(مرجع سابق).
[9] الخلاف بين الشِّيَعة والسنة، ص93(مرجع سابق).