حملة التشهير و"التفزيع" ضد سلفيّي مصر

منذ 2011-04-12

ويتهكم الكاتب على الشيخ قائلا: "من سيستمع إلى شريط (المولد النبوي) فسيعرف أننا سنعلق جميعًا على المشانق يوم المولد


إذا تابعت الصَّحافةَ المصريَّةَ، اللِّيبراليةَ خصوصا هذه الأيام فلن تجدَ جريدةً تخلو صفحتها الأولى من خبر أو تعليق على السَّلفيِّينَ ومواقفهم السِّياسيةِ وبعض تصريحات رموزهم الَّتي يراها كثيرون "مثيرة للجدل"، ولن تخلو كذلك طيات الصحيفة من اجترار لمواقف سابقة قالها سلفيُّون في أوان وظروف مختلفة.

هذه المقالات وتلك التقارير تصبُّ في غالبها في موقد حملة جرارة للتشهير و"التفزيع" والسخرية من كل ما هو سلفي أو يمت لمشايخ السَّلفيِّين بصلة.

ففي صحيفة "المصري اليوم"، على سبيل المثال، يبدو لك من الوهلة الأولى أنَّ إدارةَ التحرير اختارت بعناية بالغة "نخبة" من الكتاب من مختلف الاتجاهات لمهاجمة السَّلفيِّين.

أحدهم هو الكاتب خالد منتصر الَّذي كتب مقالا اجتر فيه مجموعة من التعليقات الَّتي جمعها من دروس الشيخ الشعبي محمد حسين يعقوب صاحب سقطة "غزوة الصناديق"، وهي السقطة الَّتي انتقدها غالبية الإسلاميُّون والكثير من السَّلفيِّين أنفسهم.

لم يورد الكاتب في "قراءته للشيخ"، كما سماها، سوى أقوالا مجتزئة من آرائه الَّتي قالها في دروس نشرت في تسجيلات صوتية، من بين هذه الآراء "المتطرفة"، كما يرى الكاتب، ما لا يختلف عليه مسلمان من العوام فضلا عن العلماء، كأن يقول بعدم جواز مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية، حتى زوجة العم.

لكن من بينها أيضًا ما قد ينظر إليه عامة المصريين على أنَّه تشدد في الدِّينِ خاصة ما يتعلق باحتفال المولد النبوي، وهي المناسبة الَّتي يحتفي بها الأزهر ذاته في مصر رغم اعتراضات الكثير من العلماء عليها.

ويتهكم الكاتب على الشيخ قائلا: "من سيستمع إلى شريط (المولد النبوي) فسيعرف أننا سنعلق جميعًا على المشانق يوم المولد إذا استولى السَّلفيُّون على الحكم طبقًا لما قيل فيه: (لا يجوز الاحتفال بالمولد النبوي وقد جاء الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لتكسير الأصنام وأنتم تصنعون الأصنام)، يقصد "حلوى المولد"، على حد قول الكاتب.
ولم يفت الكاتب التذكير بموقف السَّلفيِّينَ في بدايات الثورة المصرية الَّتي رفضت التظاهرات لاعتبار أن ضررها - من وجهة نظرهم آنذاك - أكبر من نفعها أو أنها بدعة، وهو الرأي الَّذي تراجع السَّلفيُّونَ عنه بعد ذلك وأعلنوا دعمهم للثورة بمجرد أن بدأت تشتد.

وقال الكاتب: "أما عن الشعر الذي أشعل الثورة من تونس إلى مصر فيقول (الشيخ يعقوب) عنه في شريط آفات اللسان: (في المظاهرات الَّتي حدثت في الجامعة قال الشباب: إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر، وهذا الكلام كفر!!!)"، متجاهلا توضيح أنَّ الشيخ يشير إلى أنَّه من الخطأ أن ننسب الاستجابة للقدر بدل نسبتها لله جلَّ وعَلا.

كما استدعى الكاتب مقولة يبدو أنها قديمة، قال فيها الشيخ يعقوب إن "وجود التليفزيون في البيت يسبب الصرع، لأنه يجلب الشياطين"، وربما قال الشيخ هذه الفتوى منذ أعوام عدة عندما لم يكن هنالك أية قنوات إسلامية وكانت غالبية القنوات تبث موادَّ فيها استباحة لحرمات الله، وربما غير الشيخ رأيه بعد ذلك عندما أصبح التلفاز يبث الغث والسمين حيث بعض القنوات إسلامية بينما الأخرى إباحية.

منتصر - الَّذي قال في مقاله إنَّ الله لم يوكل أحدًا للتحدث باسمه - ليس وحده من تصيد أخطاء السَّلفيِّينَ في هذه الصحيفة بالتحديد، فالصحيفة تطالعنا يوميًّا بأمثال الكاتب فريد سمير الَّذي قال إن القنوات الإسلامية "المتطرفة" هي الَّتي تسببت في ظهور قنوات نصرانية متطرفة أيضًا.

واعتبر أنَّ السلطات أعادت فتح "قنوات المتطرفين" (في إشارة إلى السلفيين) بعد أن أغلقتها السلطات الَّتي كانت تحكم قبل ثورة 25 يناير، مشيرًا إلى أنَّ من بين هؤلاء "المتطرفين" كما وصفهم، الشيخ "محمد حسان الَّذي أفتى بمشروعية تدمير آثار مصر القديمة الفرعونية ومشروعية سرقتها والاتجار بها، وها هي الآثار تسرق وتدمر ويتاجر بها في ظل مؤامرة النظام الَّذي قامت الثورة ضده لإحداث فوضى بتغييب الشرطة وإطلاق المجرمين من السجون حتى أصبحت سرقة الآثار من الأخبار اليومية العادية".

ولم يدلل الكاتب حتى على هذه "الفتوى" المزعومة ولم يذكر في أي توقيت قالها ولا في أي سياق، علاوة عن أن يكون قالها أصلا!

الصحيفة ذاتها، يبدو بوضوح من طريقة تحريرها للأخبار استهدافها للسَّلفيِّينَ وترويجها لـ"نفيهم" سياسيًّا.

فقد أوردت خبرًا حول موقف الأحزاب السياسية من إقدام بعض السَّلفيين على هدم أضرحة "الأولياء" بسبب كونها بدع شركية، وتصدر الخبر آراء حزب الوفد الليبرالي والحزب الناصري وحزب التجمع الَّذي يحارب قادته كل ما هو إسلامي، حيث طالبوا المجلس العسكري الحاكم بفرض الأحكام العسكرية عليهم باعتبارهم مخربين.

وفي ذيل الخبر نجد تعليق لقيادي بحزب الوسط ذي الخلفية الإسلامية الَّذي نفى استناد السَّلفيين إلى أي "مرجعية دينية في استخدام العنف وهدم الأضرحة وتوقيع عقوبات على المواطنين بعيدًا عن القانون".

واستلت الصحيفة - الَّتي يشارك في ملكيتها أحد أبرز أقطاب النصارى الاقتصاديين - أقلامها للدفاع المستميت عن الأضرحة الَّتي هدمها السَّلفيون، والإشارة إليهم باعتبارهم مخربين يحاربون التيارات الإسلامية الأخرى، مثل الصُّوفيين، في استعراض للقوة ومحاولة للسيطرة على السلطة.

المصدر: نسيبة داود - موقع المسلم