مع القرآن - وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ

منذ 2017-06-14

و لو مس هؤلاء و لو اليسير من حر جهنم لعلموا و صرخوا بأعلى أصواتهم و لكنه الاختبار و الابتلاء في الدار الدنيا فمعاينة العذاب الحقيقي و النعيم الحقيقي لن يكون إلا في الآخرة . { قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ * وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } [ الأنبياء 45 - 46] .

دور الرسل و كذا الربانيين من أتباعهم هو الإنذار و البشارة و الدعوة إلى الله , أما الهداية و إدخال الإيمان في القلوب فهذه بيد الله وحده , فالرسل و الدعاة ليس باستطاعتهم إسماع من يصر على الإعراض أو فتح قلب من أغلق قلبه عن مجرد الإنصاف و إعطاء فرصة التفكير لنفسه في مسألة الإيمان و الكفر .

و لو مس هؤلاء و لو اليسير من حر جهنم لعلموا و صرخوا بأعلى أصواتهم و لكنه الاختبار و الابتلاء في الدار الدنيا فمعاينة العذاب الحقيقي و النعيم الحقيقي لن يكون إلا في الآخرة .

{ قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ * وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } [ الأنبياء 45 - 46] .

قال السعدي في تفسيره :

أي: { قُلْ} يا محمد، للناس كلهم: { إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ } أي: إنما أنا رسول، لا آتيكم بشيء من عندي، ولا عندي خزائن الله، ولا أعلم الغيب، ولا أقول إني ملك، وإنما أنذركم بما أوحاه الله إلي، فإن استجبتم، فقد استجبتم لله، وسيثيبكم على ذلك، وإن أعرضتم وعارضتم، فليس بيدي من الأمر شيء، وإنما الأمر لله، والتقدير كله لله.

{وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ }أي: الأصم لا يسمع صوتا، لأن سمعه قد فسد وتعطل، وشرط السماع مع الصوت، أن يوجد محل قابل لذلك، كذلك الوحي سبب لحياة القلوب والأرواح، وللفقه عن الله، ولكن إذا كان القلب غير قابل لسماع الهدى، كان بالنسبة للهدى والإيمان، بمنزلة الأصم، بالنسبة إلى الأصوات فهؤلاء المشركون، صم عن الهدى، فلا يستغرب عدم اهتدائهم، خصوصا في هذه الحالة، التي لم يأتهم العذاب، ولا مسهم ألمه.

فلو مسهم  { نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ} أي: ولو جزءا يسيرا ولا يسير من عذابه، {لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ} أي: لم يكن قولهم إلا الدعاء بالويل والثبور، والندم، والاعتراف بظلمهم وكفرهم واستحقاقهم للعذاب.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
هل لك آلهة أخرى تمنعك من أفعال الله؟
المقال التالي
وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ