مع القرآن - يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ

منذ 2017-07-01

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ * ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ} [الحج 8 - 9] .

صنف من الناس يحارب الدين باسم الدين أو العقل و يجادل لنصرة الباطل و إعلائه باسم الدين أو العقل أيضاً, يتزيا بزي العلماء و سيماهم و يتصدر المجالس ليهدم الكتاب و السنة بلسان سلط و أسلوب فج .

يتصدرون المشاهد و يفسح الطغاة و الظالمون لهم الطريق للتأثير على الجماهير و تكتم أفواه من يحاولون إصلاح ما أفسدوا أو يتم التشويش على أصوات المصلحين حتى لا تصل ردودهم و حتى ينتشر باطل هؤلاء المجادلين .

و قريب منهم أهل التعصب و الهوى الذين يجادلون لنصرة من يتعصبون إليه بغض النظر عن كون ما يتعصبون له على حق أو باطل .

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ * ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ} [الحج 8 - 9] .

قال السعدي في تفسيره :

المجادلة المتقدمة للمقلد، وهذه المجادلة للشيطان المريد، الداعي إلى البدع، فأخبر أنه  {يُجَادِلُ فِي اللَّهِ } أي: يجادل رسل الله وأتباعهم بالباطل ليدحض به الحق،  { بِغَيْرِ عِلْمٍ } صحيح {وَلا هُدًى } أي: غير متبع في جداله هذا من يهديه، لا عقل مرشد، ولا متبوع مهتد، { وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ } أي: واضح بين، أي: فلا له حجة عقلية ولا نقلية ، إن هي إلا شبهات، يوحيها إليه الشيطان  {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ }  ومع هذا  {ثَانِيَ عِطْفِهِ }  أي: لاوي جانبه وعنقه، وهذا كناية عن كبره عن الحق، واحتقاره للخلق، فقد فرح بما معه من العلم غير النافع، واحتقر أهل الحق وما معهم من الحق، { لِيُضِلَّ } الناس، أي: ليكون من دعاة الضلال، ويدخل تحت هذا جميع أئمة الكفر والضلال، ثم ذكر عقوبتهم الدنيوية والأخروية فقال: {لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ } أي: يفتضح هذا في الدنيا قبل الآخرة، وهذا من آيات الله العجيبة، فإنك لا تجد داعيا من دعاة الكفر والضلال، إلا وله من المقت بين العالمين، واللعنة، والبغض، والذم، ما هو حقيق به، وكل بحسب حاله.

{وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ } أي: نذيقه حرها الشديد، وسعيرها البليغ، وذلك بما قدمت يداه،  {وَأَّن اللَّهَ لَيْسَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ }

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
الإيمان بالله و اليوم الآخر
المقال التالي
إياك أن تعبد الله على حرف