سنن الله في التغيير المستفادة من سورة الكهف (1)

منذ 2017-09-12

ما من شكٍ أن الله سبحانه سيجعل مخرجاً لعباده المستضعفين بالتوكل عليه وحده والصبر لله في الحالات العصيبة.

الحمد لله:
اعلم - أيها العبد المؤمن - أن سورة الكهف امتازت بذكر سنن التغيير نحو الأفضل في قصص جاء فيها حتى وطدت دعائمها وأسَّست فيها بأسس راسخة.

فكما لا يخفى عليك في هذه السورة البداءة ببراعة الاستهلال حيث جاء في مطلعها بالحمد الله ، وقد ابتدأ الله بالحمد لله في خمس سور من القرآن الكريم أربعة منها قد قرن الله بهذا الحمد بأمورِ تشير إلى خلق الله وربوبيته وثلاثة منها وهن سورة الأنعام وسورة سبأ وسورة فاطر.

أما وحدة موضوعهن فظاهرإن تأملت فيها وهو توحيد الخالق بأقسامه الثلاثة وإثبات النبوات وتقرير البعث والنشور والاستعداد للدار الآخرة.

أما السورة الرابعة فهي سورة الفاتحة فقد اقترن بها توحيد الربوبية وإنما موضوعها هو مجمل ما جاء في كتاب الله وزبدته إلا أن كل أية جاءت فيه تفسير للتي بعدها كالآتي:- فقوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} جاء تفسيرها في رب العالمين أي ما دام هو رب العالمين فهو المنعم وحده وهو مستحق للحمد والثناء وحده.

و {الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ} تفسير لربوبيته أي فبرحمته يربيهم

و {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} جاء كاقتران أسلوب الرجاء والتخويف الموجود في سائر القرآن

و {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} جاءت بعد الثناء والرجاء والخوف ، وهذا هو مقصود العبادة ولبها بمعنى ذلك أن يكون العبد المؤمن بين هذه الخصال الثلاثة.

فالثناء مثلاً والاعتراف بنعمة المنعم وحبه هو الباعث الأول في العبادة أما الرجاء والخوف فكما قال تعالى {وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}.

و {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} جاءت لكونها تفسير لطريقة العبادة وهي أن تكون على الصراط المستقيم أي بالإخلاص والإتباع.

و {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} تفسير يشير إلى كيفية الاستقامة على هذا الصراط المستفيم من الإخلاص والإتباع أي يشير إلى المرجع في هذا الإخلاص وهو الإتباع وهو الاقتداء والاقتفاء والإتباع وراء الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين خصوصا الصحابة والسلف الصالح الذين عاشوا خير القرون الثلاثة.

{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} تفسيريشير إلى كيفية الإتباع وراء هذا المرجع والتحذير من الانحراف بمرضين خطيرين
أولاهما: مرض أخذ علمهم مع عدم العمل به وأسباب ذلك كثير كأن يكون السبب مثلا الكبر والحسد كاليهود أو الاعتماد على العقل أو فلسفة أو رأي أو ما يسمونه علماً في هذا العصر من الأشياء المجربة في هذا الكون إفتتانا بها أوتعصب لبدعة سابقة والتعامي بها أو تشريع شرعا جديدا من عنده عمدا بدون جهل عنده أو احداث بدعة جديدة عمدا بدون جهل وثانيهما: مرض ترك أخذ علمهم والتعبد بالجهالة كالتخريبات الذي فعله بمن تسموا بالخلف وهو محض جهل مع اتباع أهواء خالفوا بها صحيح المنقول وصريح المعقول.

فقد أخبر الله تعالى في كتابه العزيز في موضع آخر أن هذين الصنفين ظالمين وليس لهم نصير كما قال تعالى {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} [الحج: 71 ]

ثم فلنرج من هذا الاستطراد الطويل فيما جضرنا من المعاني في سورة الفاتحة إلى صلب الموضوع لنقول:

أما سورة الكهف فقد قرن الله بإنزال الله الكتاب ثم وصفه بأنه لم يجعل له فيه عوجا وقيما لكونه مستقيم في نفسه مقيم غيره وذلك لكونه لا يأتيه الباطل من بين أيديه ولا من خلفه ويهدي للتي هي أقوم ، ولم لا يكون كذلك وقد أنزله الله بعلمه الذي يعلم به السر في السموات وفي الأرض.

ولعل السر في ذلك – والله أعلم – لأن موضوع هذه السورة يحلل فقه كيفية التغير في أناس عرفوا الحق فاتبعوه أو حاولوا تغيير غيرهم كأصحاب الكهف وغيرهم كثير كما سيأتي بيانهمتباعاً أو عرفوا الحق فأعرضوا عنه كصاحب الجنتين أو كإبليس وجنوده من الإنس ونحوه.

فلنبدأ أولا بقصة أصحاب الكهف التي سُمِّيت السورة لأجلها:

أولا: الفتية الذين آمنوا وزادهم الله هدى على هداهم الأول.

وقد كان هداهم الأول القيام بالتوحيد لدلليل قوله تعالى {وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا * هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا } [الكهف: 14-15] إذن القيام وحده للدين ولو لم تستطع تغيير شيء يدل على محاولة فوية منك.
وهذا هو المطلوب من العبد المؤمن بأن يأتي من الأوامر بما استطاع لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«ما نهيتكم عنه، فاجتنبوه، وماا أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم، فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم».

إذن الفتية ما قاموا إلا كراهية للشرك فقالوا {رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا}[الكهف:14].

ثم أبدوا استنكارهم لشرك قومهم وأخبروا أنهم ليس لهم سلطان بين فيما ذهبوا إليه ثم ختم الله الآية {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} مما يدل على أن المشرك مادام ليس له سلطان بين لشركه فهو مفتر بل ظلمه هو أقصى ظلم وجد على وجه الأرض.

وقد استفادت الفتية من أقوالهم هذه التي حاولوا بها أن يغيروا الوضع الشائن الحاصل بين أيديهم أن ربط الله قلوبهم حيث ثبتهم الله في الإيمان فما أعظم هذه الفائدة.

فالقيام هنا معناه تشمير عن ساعد الجد لمحاولة عمل شيء متعدي ينفع الآخرين ألا وهو الدعوة إلى الله وهو كما قال تعالى {قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [ المدثر:2-3]

أما الفتية فقد كان أمامهم حالالت عصيبة ليس بمقدورهم مقاومته فماذا فعلوا؟!

من المعلوم أن الطغاة هم الطغاة في كل العصور ولا يسمحون لرعاياهم توحيد الخالق ولا بعبادته حق العبادة.

ولذلك يُخيِّرون الناس المؤمنين بين خيارين أحلاهما مر، إما أن يرجموهم أو يعيدوهم في ملتهم كما قالت الفتية عند انبعاثهم من الكهف. {إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا} [الكهف: 20].

وأخرى صعبة ولكنها أهون وهي إخراجهم من أراضيهم التي ولدوا فيها فما الحل عند ئذ؟!

الحل ما جاء في كتاب الله قال تعالى {قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ * وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آَذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ * وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ * وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ} .

إذن الحل ما جاء في هذه الآيات – كما ترى -التوكل على الله والصبر والخوف من مقام الله ووعيده ، ولابد أيضا مع هذه الصفات اليقين.

وما من شكٍ أن الله سبحانه سيجعل مخرجاً لعباده المستضعفين بالتوكل عليه وحده والصبر لله في الحالات العصيبة؟.

ولك عبرة بالغة ببني إسرائيل الذين مروا ما لم تمر به أمة مع طاغية ، فقد كان يذبح أبناءهم ويترك نساءهم للخدمة.

ولما شكت أمة بني إسرائيل لنبيها موسى - عليه السلام – بقولهم {قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا} أجابهم بقوله {قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} [الأعراف: 129].

ومع ذلك أوصاهم بالاستعَانة بالله والصبر ونبَّههم عَلى أن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده وأن الَعاقبة للمتقين. في الآية التي قبلها بقوله تعَالى {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [الأَعِراف:128].

وقال الله تعِالى في آيات أخرى فيها حث من نبيهم موسى - عَليه السلام – في التوكل على الله {وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ * فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [يونس: 86].

ومن الطريف جداً أن جعِل الله من سنن التغيير أن يخرج بنو إسرائيل إلى البحر صابرين ومتوكلين على ربهم ليستدرج الله فرعون وجنوده فأخذهم الله فرماهم في البحر فأغرقهم كما قال تعالى {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ} [القصص: 40] وكما قال تعالى {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ} [والذاريات: 40].

وقد كان الله إذا أراد خسَف فرعون وجنوده في الأرض التي يتكبرون عليها أو تكفيهم صيحة واحدة فإذاهم خامدون ولكن إنما أراد الله أن يعلم بني إسرائيل والأمم التي ستأتي من بعدهم كيفية القيام للتغيير عِلى قدر المستطاعِ متوكلين عِلى الله وصابرين لله ، والله أعِلم.

ثم نعود لنلفت لفتة أخرى مهمة وهو أن الفتية اختاروا أهون الخيارين فخرجوا من بين أظهرهم ولكن العجب كامن إلى أين تم خروجهم هذا،. سبحان الله ، هو إلى كهف مظلم راجين أن ينشر الله لهم من رحمته ويهيء لهم من أمره مرفقا!!

ولا تتصور - أيها العبد المؤمن - عظم توكل هؤلاء الفتية وعظم ثقتهم بربهم وعظم اعتمادهم بربهم وكيف يرجون أن ينشر الله لهم من رحمته في كهفهم فسبحان الله ما أعجب من إيمانهم.

وهذه الفعلة في الحقيقة قي نظر وقياس أهل الدنيا يعتبرونها انتحار أو تهلكة النفس أأو جنون...إلخ. ولكن ماذا حدث؟!

حدث ما لم يكن في حسبان الفتية أنفسهم حيث أتاهم النصر من حيث لا يحتسبون، فقد توفاهم الله في رقود غير معهود عند الناس فهيأ الله لهم من أمره مرفقا ونشر الله لهم من رحمته كما تمنواا.

وفي ذلك أظهر الله من الآيات العظيمات الباهرات ما جعل الناس الذين وققفوا على حقائق أمرهم أن تنازعوا فيما بينهم حتى قال بعضهم: ابنوا عليهم بنيانا وقال آخرون: لنتخذن عليهم مسجدا، ولذلك قال تعالى {ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا} [الكهف: 17].

وهؤلاء الفتية – في الحقيقة - قاموا وتحركوا ليغيروا الواقع المر الذي كانوا يعيشونه، ولما لم يستطيوا تغيير شيء أنقذوا أنفسهم وبإيمانهم من الفتن ، إذ بعد وقوع الفتن قد لا يثبت الإنسان ليكون شهيدا من أفضل الشهداء وهذا من الفقه بمكان.

ولكن الناس يختلفون فمن قوي ثابت يقدر أن يتحمل كل المشاق حتى يستشهد في سبيل ذلك وأمثال ذلك حبيب النجار ومؤمن آل فرون وغلام أصحاب الأخدود وأبو بكر رضي الله عنهم جميعا فهؤلاء الأخيار الذين أدَّوا ما عليهم من واجباتهم الديني وبلغوا رسالات الله فقد فعلوا ما استطاوا من التغيير رغم أنهم في حالة الاستضاف فبارك الله لهم في جهودهم ونفع بهم من شاء من عباده وأكرمهم الله بجنته في يوم الآخرة ويوم العرض والحساب كما قال حبيب بن نجار وقد حكاه الله عنه ربنا {قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ} [ يسن: 27 ].

أما من ضعف من هذا المشاق والاستشهاد فعليه إذن أن ينجوا بنفسه ودينه من الفتن كما فعله هؤلاء الفتية الذين آمنوا برهم وزادهم هدى ويكفي أنه استنكر وخرج مهاجرا من هذا المنكر العظيم ليعيد الكرة على عدوه مرة أخرى بأي طريقة أخرى ستكون أنفع بإذن الله وبمشيئةالله تعالى.

وأيضا لابد أن يتحلى من يريد أن يكون بمثل هؤلاء الدعاة أو يقتدي بهم بالإضافة إلى الصفات المشار إليها السابفة من التوكل على الله والصبر واليقين والخوف من مقام الله ووعيده لصفات أخرى مثل الاكتفاء بالرب وحده وتفويض الأمور إليه وإن كان ذلك من مقتضى التوكل على الله وأيضا لابد من الشجاعة الكافية في مثل هذه الأمور العظام والجود بالنفس والنفيس والعزيمة التي لا تردد معها والزهد من الدنيا بأن يشروا الحياة الحياة الدنيا بالآخرة والتزود بالحق وبالعلم الكامل اللذان يدمغان الشبهات حتى تكون زاهقة لا أثر لها ، والدعوة إلى الله بالحكمة ومع اللين والرفق والموعظة الحسنة وأنظر وتأمل إذا أردت كيف لما قال الله لموسى {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: 44] قال موسى – عليه السلام- لفرَعون في سورة النازَعات {فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى * وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى} [والنازَعات: 19] وأنظر وتأمل كلمات مؤمن آل فرون فإن فيها عجب وموَعظة بليغة حكيمة، وهكذا أنظر كلمات حبيب بن نجار في سورة يسن وكلمات أبي بكر في السير. والله أعلم.

ومن آيات الله في هذه القصة أن يعلم الناس أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها وأن البعث كذلك حق.

بل كل ليلة - أيها العبد المؤمن - تدخل وينام الناس فيه تُذكِّرك في يوم الآخرة في سكونها يشبه سكون القبور وفي نوم الناس وعدم حركتهم أموات القبور.

كما في كل صباح يشرق وانتشار الناس للأعمال يُذكرك في النشور والبعث بعد الموت ولذلك يقول الشخص عند النوم باسمك أموت وأحيا وعند الاستيغاظ الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور ، كما ثبت في صحيح البخاري "

5953 حدثنا قبيصة حدثنا سفيان عن عبد الملك عن ربعي بن حراش عن حذيفة بن اليمان قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه قال:
« باسمك أموت وأحيا وإذا قام قال الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور » ولذلك قال تعالى {وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا} [الكهف: 21] .


قلتأيها الأمراء المتقلدون بالمناصب أاستدعَتدتم حساب الله في الكهوف أين العَدالة والشجاعَة و الأمانات والجود والأخلاق من كل الصنوف أيها التجار المشتغلون بالبضاعَات أتزهدون عَن الجلوس تحت لرفوف لكي تنشروا والدعوة في الساحات راجين بذلك رحمة الرحمن الرؤف أيها الشباب العابثون بالمباريات ألم تر كيف الفتية دخلوا في الكهوف نظروا الدنيا وهي مليئة بالكفريات فآثروا ربهم كونوا مثلهم لا كالخروف.

والله أعلم.

الكاتب: أبو عبدالله عبد الفتاح بن آدم المقدشي.