لست من جماعتي ولا تتبع شيخي

منذ 2017-09-26

منهج الإسلام القائم على صحيح الكتاب والسنة لا يعدله أي منهج وعباءة الإسلام الواسعة تسع الجميع، وأولويات القرب والبعد من القلب وترتيب الولاء إنما يكون حسب التقوى وطاعة المرء لله.

آفة كبرى تكاد تعصف بل عصفت بالأمة وأضاعت عليها العديد من فرص النهوض لوتوحدت واجتمعت القوى والجهود.

الانتماءات الضيقة والتعصب فقط لأعضاء الجماعة أوأتباع نفس الشيخ، والتشديد على جريمة الخروج عن طوق الشيخ أوالجماعة، والنظر إلى كل من هوخارج النطاق على أنه أدنى درجة من أبناء الجماعة أوالشيخ أوالحزب.

إغلاق القلب والعقل على دائرة واحدة يعد من أكبر الآفات والأمراض التي يجب أن نعالجها ونسرع في العلاج، والعمل من أجل توحيد الكلمة على الوحي الصحيح وتجميع القلوب تحت راية الإسلام وحدها هوواجب حتمي يحتاج لبذل الكثير من الأوقات والجهود.

منهج الإسلام القائم على صحيح الكتاب والسنة لا يعدله أي منهج وعباءة الإسلام الواسعة تسع الجميع، وأولويات القرب والبعد من القلب وترتيب الولاء إنما يكون حسب التقوى وطاعة المرء لله.

قال صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يلقى في النار» . (رواه البخاري).

ومواقف أئمة الإسلام المعتبرين وكلامهم كله يتوافق مع هذه المعاني التي تقوم على نبذ التعصب والاجتماع على توقير كلمة الله وحده والعمل من أجل إعلاء الإسلام ذاته بغض النظر عن أي كيانات أصغر.

يقول الإمام مالك بن أنس: "إنما أنا بشر أخطى وأصيب، فانظروا في رأيي، فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوا به، وما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه".

ويقول الإمام الشافعي: "إذا وجدتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة خلاف قولي، فخذوا السنة ودعوا قولي فإني أقول بها"، وفي رواية: "كل مسألة تكلمت فيها بخلاف السنة، فأنا راجع عنها في حياتي وبعد مماتي"، ويقول: "ما من أحد إلا وتذهب عليه سنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعزب عنه، فمهما قلت من قول أوأَصَّلت من أصل فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف ما قلت، فالقول ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهوقولي"

ويقول الإمام أحمد بن حنبل: "لا تكتبوا عني شيئاً ولا تقلدوني ولا تقلدوا فلانا وفلانا، وخذوا من حيث أخذوا"، ويقول: "لا تقلدوا دينكم الرجال، إن آمنوا آمنتم وإن كفروا كفرتم"، كما يقول: "من قلة فقه الرجل أن يقلد دينه الرجال".

ويقول أبوحنيفة النعمان: "هذا رأيي، وهذا أحسن ما رأيت فمن جاء برأي غير هذا قبلناه، حرام على مَن لم يعرف دليلي أن يفتي بكلامي".


وأخيراً:

{إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [آل عمران: 19] .


قال ابن كثير:
وقوله:
{ إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ } إخبار من الله تعالى بأنه لا دين عنده يقبله من أحد سوى الإسلام، وهواتباع الرسل فيما بعثهم الله به في كل حين، حتى ختموا بمحمد صلى الله عليه وسلم، الذي سد جميع الطرق إليه إلا من جهة محمد صلى الله عليه وسلم، فمن لقي الله بعد بعثته محمدا صلى الله عليه وسلم بدين على غير شريعته، فليس بمتقبل.

وقال أيضا:
{وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} أي: بغى بعضهم على بعض، فاختلفوا في الحق لتحاسدهم وتباغضهم وتدابرهم، فحمل بعضهم بغض البعض الآخر على مخالفته في جميع أقواله وأفعاله، وإن كانت حقا .أ هـ من تفسير ابن كثير.


وأختم بقول الرسول صلى الله عليه وسلم:

«لا تحاسَدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبِعْ بعضكم على بيع بعضٍ، وكونوا - عباد الله - إخوانًا، المسلم أخوالمسلم: لا يظلِمه، ولا يخذُله، ولا يكذِبه، ولا يحقِره، التقوى ها هنا - ويشير إلى صدره ثلاث مراتٍ - بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرامٌ: دمُه ومالُه وعِرضه» (رواه مسلم) .

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.