مع القرآن - آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ

منذ 2017-10-03

الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ * أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ

أهل البصيرة و الإنصاف و العدالة في كل زمان هم الأحق و الأولى باتباع نور الله و ترك هوى النفس و الانسياق خلف أي باطل و لو تبنته الجماهير , فالعبرة ليست بالكثرة و إنما بماهية الحق و صدق المنهج , و لا أصدق من منهج السماء .

أهل الإنصاف و البصيرة من أهل الكتاب دعاهم صدق اتباعهم إلى طريق الحق فآمنوا بالقرآن بصدق كما صدقوا مع ما قبله من الكتب فأورثهم صدقهم و بصيرتهم سعادة لا تزول .

أولئك لهم الأجر مرتين , و أولئك سيماهم دائما مقابلة الإساءة بالإحسان و و الإنفاق في سبيل الله , و الإعراض عن اللغو و أهله و الجهالة و أهلها و ديدنهم إشاعة السلام و سمو الأخلاق , أولئك هم الربانيون من كل الأمم .

{ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ * أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ }  [القصص 52-55]

قال السعدي في تفسيره:

يذكر تعالى عظمة القرآن وصدقه وحقه، وأن أهل العلم بالحقيقة يعرفونه ويؤمنون به ويقرون بأنه الحق، { {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ} } وهم أهل التوراة، والإنجيل، الذين لم يغيروا ولم يبدلوا { {هُمْ بِهِ} } أي: بهذا القرآن ومن جاء به { {يُؤْمِنُونَ } }

{ وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ } استمعوا له وأذعنوا و { {قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا } } لموافقته ما جاءت به الرسل، ومطابقته لما ذكر في الكتب، واشتماله على الأخبار الصادقة، والأوامر والنواهي الموافقة، لغاية الحكمة.

وهؤلاء الذين تفيد شهادتهم، وينفع قولهم، لأنهم لا يقولون ما يقولون إلا عن علم وبصيرة، لأنهم أهل النصف وأهل الكتب، وغيرهم لا يدل ردهم ومعارضتهم للحق على شبهة، فضلا عن الحجة، لأنهم ما بين جاهل فيه أو متجاهل معاند للحق.

قال تعالي: { {قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا } } الآيات.

وقوله: { {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ } } فلذلك ثبتنا على ما مَنَّ اللّه به علينا من الإيمان، فصدقنا بهذا القرآن، آمنا بالكتاب الأول والكتاب الآخر، وغيرنا ينقض تكذيبه بهذا الكتاب، إيمانه بالكتاب الأول.

{ { أُولَئِكَ} } الذين آمنوا بالكتابين { { يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ } } أجرا على الإيمان الأول، وأجرا على الإيمان الثاني، { {بِمَا صَبَرُوا } } على الإيمان، وثبتوا على العمل، فلم تزعزعهم عن ذلك شبهة، ولا ثناهم عن الإيمان رياسة ولا شهوة.

و من خصالهم الفاضلة، التي من آثار إيمانهم الصحيح، أنهم { {وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ} } أي: دأبهم وطريقتهم الإحسان لكل أحد، حتى للمسيء إليهم بالقول والفعل، يقابلونه بالقول الحميد والفعل الجميل، لعلمهم بفضيلة هذا الخلق العظيم، وأنه لا يوفق له إلا ذو حظ عظيم.

{ {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ } } من جاهل خاطبهم به، { { قَالُوا } } مقالة عباد الرحمن أولي الألباب: { {لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ} } أي: كُلٌّ سَيُجازَى بعمله الذي عمله وحده، ليس عليه من وزر غيره شيء. ولزم من ذلك، أنهم يتبرءون مما عليه الجاهلون، من اللغو والباطل، والكلام الذي لا فائدة فيه.

{ {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} } أي لا تسمعون منا إلا الخير، ولا نخاطبكم بمقتضى جهلكم، فإنكم وإن رضيتم لأنفسكم هذا المرتع اللئيم، فإننا ننزه أنفسنا عنه، ونصونها عن الخوض فيه، { {لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ } } من كل وجه.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ
المقال التالي
الهداية بيد الله