مع القرآن - افعلها و حسابها في رقبتي أمام الله

منذ 2017-10-19

{ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ}   [العنكبوت 12-13]

( افعلها و حسابها في رقبتي أمام الله )
كلمة تناقلها المجرمون عبر التاريخ و ليست بجديدة 
فقديما قالها الكفار لأتباع الأنبياء حتى يصدوهم عن سبيل الله , فكان هذا العرض المغري بأنهم سيتحملون عنهم تبعات استكبارهم عن أمر الله و مخالفة الرسل .
و هذا ما كان ليحدث بحال , فالله هو العدل سبحانه , و قضى أنه لا يتحمل مخلوق أوزار غيره , و في نفس الوقت سينوء كل مسيء بحمله و  و سيحمل مع أوزار من تبعوه لأنه هو من دلهم على الشر و مخالفة الخالق سبحانه , و سيقف الجميع أمام الله بتلك الأحمال الثقال .
 { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ}   [العنكبوت 12-13]
 قال السعدي في تفسيره :
يخبر تعالى عن افتراء الكفار ودعوتهم للمؤمنين إلى دينهم، وفي ضمن ذلك، تحذير المؤمنين من الاغترار بهم والوقوع في مكرهم، فقال: { {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا} } فاتركوا دينكم أو بعضه واتبعونا في ديننا، فإننا نضمن لكم الأمر { {وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} } وهذا الأمر ليس بأيديهم، فلهذا قال: { وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ } لا قليل ولا كثير. فهذا التحمل، ولو رضي به صاحبه، فإنه لا يفيد شيئا، فإن الحق للّه، واللّه تعالى لم يمكن العبد من التصرف في حقه إلا بأمره وحكمه، وحكمه { {أن لَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} } 
ولما كان قوله: { { وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ } } قد يتوهم منه أيضا، أن الكفار الداعين إلى كفرهم -ونحوهم ممن دعا إلى باطله- ليس عليهم إلا ذنبهم الذي ارتكبوه، دون الذنب الذي فعله غيرهم، ولو كانوا متسببين فيه، قال: [مخبرا عن هذا الوهم] 
{ {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ } } أي: أثقال ذنوبهم التي عملوها { {وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} } وهي الذنوب التي بسببهم ومن جرائهم، فالذنب الذي فعله التابع لكل من التابع والمتبوع حصته منه، هذا لأنه فعله وباشره، والمتبوع لأنه تسبب في فعله ودعا إليه، كما أن الحسنة إذا فعلها التابع له أجرها بالمباشرة، وللداعي أجره بالتسبب. { {وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ} } من الشر وتزيينه، وقولهم { {وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} } 
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن 

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ
المقال التالي
أهل السفينة و أهل الطوفان