رجاء رحمة الله لها طريق..
إذا تتبعت وتدبرت وجدت مع الترجية في رحمة الله والتشويق اليها والنص عليها يذكر تعالى سبل الوصول اليها.. فمن ادعى وتمنى، وخالف السبيل وأعرض عنه؛ فهو كاذب دعيّ.
وإذا تدبرت عدة مواضع من ذكر رحمة الله تعالى في كتابه وجدت استحقاقها والوصول اليها مرتبطا بأعمال وسلوك وطريق، وليست بأمنية أو تواكل..
فذكر تعالى صفات من يرجون رحمة الله فقال أنهم هؤلاء { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} .
فنص الآية يقول أن المؤمن المهاجر والمجاهد هذا هو من يرجو رحمة الله.. فأما غير ذلك فيُخشى أن يكون مدَّعيا أو متمنيا..
وأخبر صاحب الرحمة سبحانه لمن كتبها ومن يُدخل فيها فقال { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ۚ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} فذكر سبيل الرحمة، ووصف من كُتبت له من خلال الأفعال والمواقف والسبيل..
وذكر تعالى دعاء حملة العرش والمقربين (الكروبيين) { رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} فذكر سبيل نيْل الرحمة أنه التوبة واتباع سبيل الله بقبول الرسالة الخاتمة..
ولما ذكر تعالى أمره لنبيه أن يبلغ سلامه للمؤمنين أو أمره أن يبدأهم بالسلام أمره تعالى أن يبلغ المؤمنين ما كتبه تعالى على نفسه من الرحمة {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} ثم فسر تعالى هذه الرحمة أنها قبول توبتهم من أي خطأ أو انحراف إذا تابوا واستقاموا بعدها بالصلاح { أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ} وكل من عصى الله فهو جاهل { ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ} فالتوبة هي تغيير خط الانحراف الى استقامة وترك الخطأ، و{أَصْلَحَ} فيعني فيما يستقبل من أمره {فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} فهذا تنتظره رحمة الله ومغفرته..
وإذا تتبعت وتدبرت وجدت مع الترجية في رحمة الله والتشويق اليها والنص عليها يذكر تعالى سبل الوصول اليها.. فمن ادعى وتمنى، وخالف السبيل وأعرض عنه؛ فهو كاذب دعيّ..
إنه لا نجاة لنا إلا برحمة الله، ولا بد من سلوك سبيلها للنجاة..
مدحت القصراوي
كاتب إسلامي
- التصنيف: