التفاهم التربوي

منذ 2017-12-02

لا إحباط ولا يأس في طريق الأولياء بل استقامة وتمسك بحبل الله المتين ورفع راية سيد المرسلين.

التفاهم والتوازن والتكامل والتكافل التربوي حق الأخ على أخيه وواجب المسلم على المسلم وحق المجتمع على الدعاة، بالتعاون على البر والتقوى لزيادة الإيمان وترسيخ جذوته في النفوس والقلوب والعقول ليكون سلوكا واقعيا بيننا.

أن يحمل بعضنا بعضا بالرفق واللين والنصح والإرشاد والاستمرار بالمعاهدة التربوية لإيقاظ الإيمان المخدر بالقلوب والانتباه لشرور النفس وغفلتها وخطوات الشيطان.

أن يغرس ويُورث كل منا أفضل ما لديه إيمانيا وأخلاقيا وفكريا وسلوكيا.... حتى يصح البناء وتنبت البذرة ويقوى الساق وننتفع بالثمرة.

يقول الإمام البنا رحمه الله: (فاستقيموا على منهج الحق، وافعلوا ما أمركم الله به، واتركوا ما نهاكم عنه، وحاسبوا أنفسكم حساباً دقيقاً على الطاعة والمعصية, ثم بعد ذلك لينصح كل منكم أخاه متى رأى فيه عيباً، وليقبل الأخ نصح أخيه بسرور وفرح، وليشكر له ذلك, وليحذر الناصح أن يتغير قلبه على أخيه المنصوح بمقدار شعرة, وليحذر أن يشعر بانتقاصه, أو بتفضيل نفسه عليه)

يقول صلى الله عليه وسلم: 
«سددوا وقاربوا واغدوا وروحوا وشيء من الدلجة, القصد القصد تبلغوا» (البخاري).

فلنا أخوة في كل ساح، نحبهم ونجلهم بقربهم من الله يحتاجون جهودكم في القلوب لا تمحى محبتهم، وفي الدعاء ذكرهم لا ينقطع

فحافظوا على إخوانكم، أحسنوا استيعابهم، اجبروا خواطرهم، بروهم والتمسوا أعذارهم، سددوا ضعفهم، قاربوا بينهم، تجاوزوا عنهم، عالجوا وداووا أخطائهم وعيوبهم وأمراضهم، ارحموا غربتهم، خففوا آلامهم، تواضعوا لهم، هذبوا طباعهم واكتشفوا ووظفوا طاقاتهم ومواهبهم وارفعوا هممهم، وقوا عزائمهم، وأجيبوا تساؤلاتهم، واشبعوا نهمهم، وأشعروهم بذاتهم، وعظمة انتمائهم وعظيم تضحياتهم، وعجيب صبرهم وثباتهم، وأفضال ربهم باصطفائهم، وقدرته ومكره وإمهاله جل وعلا لعباده فما يكون في ملكه إلا ما يريد، ولو شاء ربك ما فعلوه، يداه تعمل بالخفاء فلا تستعجلوه.

حدثوهم، صاحبوهم، خالطوهم، أنصتوا لهم، صارحوهم بالإيجابيات والسلبيات، بالانجازات والإخفاقات، بنقاط القوة والضعف، اعترفوا بالأخطاء فالتجهيل لا يصنع مستقبلا.

احترموا عقولهم، اغرسوا الأمل واليقين بالأفعال قبل الكلمات، بالمعلومات قبل البيانات، بالحقائق قبل الاستنتاجات، بالمعايشة قبل الانزواء والانطواء.

غيروا القناعات واستفيدوا من الفرص والإمكانيات والأحداث ولا يكون بقراءة صفحات أو حفظ سطور، وإنما بتأسيس منطلقات الفهم الصحيح، وترسيخ الضوابط والموازين (الفهم الدقيق والتكوين العميق)

ما عرفوكم إلا كبارا أبطالا فرسانا شجعانا، عاهدوكم على مكارم الأخلاق، وحسن الجوار تعاونوا معكم لنصرة الحق، ورفع الراية واستمرار العطاء، بغيتهم رضا الله، فأنيروا العقول وعايشوا الأرواح وخالطوا الأجساد وافتحوا القلوب ونظرة القلب أمضى من رؤية العين ساووا الصف، وسدوا الخلل، وأروا الله من أنفسكم خيرا، تواصلوا وتعاونوا وتحابوا وتعارفوا وتفاهموا وتكافلوا و
«سددوا وقاربوا وأبشروا» (مسلم)،  «ولينوا بين أيدي إخوانكم (وكونوا عباد الله إخوان)» (البخاري). 

وازنوا بين التربية الجماعية والفردية وشجعوا الذاتية والإيجابية وتعاهدوا المفاهيم والقيم والثوابت والغايات والمثل العليا وتذاكروا سيرا على النهج.

فلا إحباط ولا يأس في طريق الأولياء بل استقامة وتمسك بحبل الله المتين ورفع راية سيد المرسلين.

راعوهم ولا تروعوهم، احتضنوهم ولا تنفروهم، تابعوهم ولا تهملوهم، شاوروهم واستشيروهم وادمجوهم وحفزوهم
{اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا * إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا} أخي حبك وانتماءك لدعوة عظيمة كبيرة رائدة صابرة مجاهدة مبتلاة يحتم عليك أن تكون كبيرا عظيما حكيما رائدا ومتفائلا باعثا الأمل في النفوس.

لا تسمح لأحد أن يُقلل من شأنِ حلمك، كلماتك، ذوقك، أخلاقك، منهجك، تاريخك، حياتُك.. اجعل كل ما يَخصّك عظيما كدعوتك... فيا أيها الأحباب إن قوة دعوتكم في ذاتها، وفي تأييد الله لها متى شاء، وفي قلوب المؤمنين بها، وفي حاجة العالم الحر إليها، والكثيرون اليوم يتساقطون على الطريق، ولا يثبت إلا الصفوة الذين يثبتهم الله فلا تقطعوا صلتكم بالله ففي أيديكم أنتم لا غيركم قارورة الدواء من وحي السماء، ورددوا مع نبيكم صلى الله عليه وسلم 
{لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} .

وكما قال موسى عليه السلام {إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}، وابشروا بنصر قريب وفتح مبين {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُون بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}.

 
الكاتب: ماهر جعوان