هدف وسط التيه..!
يجب أن نُعلمهم أن الإيمان هو جالب السكينة والطمأنينة في النفس، وأن التوكل على الله سبحانه هو الباعث على الثقة في الحركة والأداء.
مشكلة التيه الذي يشكو منه أبناؤنا لازالت تحتل الصدارة من بين ما يشكو منه الأبناء في عمر الشباب.
أقصد به ذلك الشعور المتشتت في كل اتجاه، بين تحقيق الآمال والطموحات الكبيرة والكثيرة، وبين معرفة الطريق الأمثل للوصول لتلك الآمال، وبين معرفة الذات وإمكاناتها ومناسبة تلك الطموحات لها.
كذلك الأهداف السليمة التي يجب أن يضعها الشاب أمامه، ومقام الصواب فيها والخطأ، وتقييم ذلك.
أيضا مدى اعتبار الخبرة والتجربة، وأهمية المعرفة والإستفادة بالمستشارين والخبراء.
ثم من قبل ومن بعد مقام الإستقامة القلبية والسلوكية في حياته، وأثر ذلك على نجاحاته في دنياه وفلاحه في آخرته.
إننا بحاجة إلى مراقبة ومتابعة تربوية منذ بداية الطريق، يتابع فيها الأبوان بعلم وخبرة ودراية، ثم يتابع كذلك مربون ناصحون، ومعلمون نابهون.. يأخذون بأيديهم نحو الصوابية.
هذه المراقبة والمتابعة والتوجيه التربوي يحتاج الى خبراء تربويين يعرفون ماذا يفعلون، بحيث أن تامنهم الأسر على أبنائها وعلى تخطيط مستقبلهم فلا يصيبهم الندم أو الألم في مستقبل أيامهم.
الآباء والأمهات عليهم واجب كبير في اكتشاف مواهب الأبناء، وتوجيههم الوجهة الصالحة من البداية، وتشجيعهم على سد ثغرات شخصياتهم، وبناء شخصية جادة، صريحة، تعرف ما تريد وتسعى إليه.
والمربون دورهم إلهام يبتدىء بتذليل العقبات النفسية والاجتماعية أمام الأبناء، لتستقيم شخصياتهم، ويستطيعون علاج ما يشكون منه من أمراض أو آلام أو عادات سيئة.
المربون يجب أن يفهموا أن دورهم ليس تعليميا فحسب، بل هو توجيهي نصحي علاجي، وهم في ذلك يعتبرون خط المواجهة المهم أمام المستجدات النفسية والاجتماعية التي تنشأ أمام الشباب.
يجب أن يعلم المربي أن النفس الإنسانية مترامية الأطراف عميقة النوازع، كثيرة الحنايا، فلا يجب أن يكتفي منها بظواهر، ولا يجب أن يطمئن منها بسمات، بل عليه أن يسعى للإبحار في عمقها، للاطمئنان عليها من الأمراض والشكاوى.
تحديد نوعية الشخصية والوقوف على مثالبها، وتوصيف أمراضها، والبحث عن علاجها، ثم بلورة أهداف لها، ثم دعمها في سبيلها لهدفها المحدد هو جوهر العملية التربوية المرجوة، والتهاون أو التغاضي عن أي خطوة من تلك الخطوات قد يورث أخطاء لا حصر لها، ربما تبدو بعد فترة في صور سلبية مؤلمة.
يجب أن نُعلم أبناءنا كيف يقولون " لا " لبعض المواقف والخيارات، وكيف يصرون على اتخاذ بعض الاختيارات التي يجدونها متلائمة مع سبيلهم وطريقهم وقدراتهم.
يجب أن نُعلمهم أن الإيمان يجب أن يمس القلب وينطلق منه وأن كل سلوك لا ينطلق من القلب فهو أجوف، وأن القلب هو قائد حركة الإنسان، وأن القلب يجب أن يكون سليما من الشبهات والشهوات، وإذا سقطت به زلة أن يسارع إلى التوبة والأوبة منها.
يجب أن نُعلمهم أن الإيمان هو جالب السكينة والطمأنينة في النفس، وأن التوكل على الله سبحانه هو الباعث على الثقة في الحركة والأداء.
وأن الحكمة يلزم أن تكون ضالة المؤمن دوما، وأن مشاورة الخبراء واستخارة الخالق سبحانه أساسية في كل خطوة.
وأن الدعاء رابط أصيل وحبل متين يربط أحدنا بربه عز وجل... وأنه سبحانه قريب مجيب.
خالد روشة
داعية و دكتور في التربية