لا تقف عند المستنقعات
ابحث عن طريقك وانشغل بما ينقذ أمتك ويخرجها من ورطتها.. لا تترك البحث عن المخرج ولا تحِد بك الطريق.. أما من قعد هناك يبحث عن السقطة ويقع على القذر ويفلسف النفاق، ويستأكل بدين الله تعالى فلا تشغل بالك بهم
العلمانية هي فصل الدين عن الحياة ورفض هيمنة الشريعة عليها، والانحياز ومناصرة تبديل الشرائع.
ولما كان في التعريف طرفان، فالطرف المبدِّل الليبرالي والعلماني قام بتبديل الشرائع وفرضها وترسيخها.. وهو الطرف الأول، والطرف الديني الذي يرضى بالتبديل ويشرعن له هو طرف المقص الآخر، والعلمانية تتكون من كليهما.
ومن هنا فثمة خطأ منهجي إن وضعنا السلفية العلمانية (رسلانية ـ جامية ـ برهامية) ضمن التيار الإسلامي.
لست أقصد تكفيرهم؛ بل فقط لا ينبغي أن يوضعوا في سياق التيار الإسلامي لأن هذه المقدمة الخطأ ستؤدي حتما لاضطراب وأسئلة مربكة لا إجابة عليها، واستفسارات لا نهاية لها.
أما إذا وضعوا في سياق أحد طرفي المقص العلماني وجدت الأمر مفهوما وعلمت لماذا هذا يدعم ذاك والآخر يحميه، وهكذا في دوامة خبيثة لا تنتهي.
يجب أن نفرق بين التيار الجاري، وبين البِرك والمستنقعات التي تنتج عن سير التيار.
ثمة طيبون خيرون يأنفون من قذارة المستنقعات فيتركونها ويلحقون بالتيار الجاري والأمواج المتدفقة، متحملين تبعات الجريان وعظمة المجرى وتوقع المفاجآت.. وتوقع الخير كذلك إذ إنه صاف رقراق يتطلب نوعيات نظيفة تتطهر به دوما؛ لكن ثمة من يركن الى المستنقع، فيجب ألا ننشغل به.
اليوم مستنقعات الصوفية تتاجر بالدين ويستأكل به أقوام ويستخدمه طواغيت ويساهم فيه ملايين المخدرين يصنعون من الهذيان والرقص ما يُضحك منهم العاقل ويُشمت بهم العدو ويحزن عليهم المشفق.. كذلك بقية هذه التيارات.
يجب أن تتركها في المستنقع وتمضي.. ابحث عن طريقك وانشغل بما ينقذ أمتك ويخرجها من ورطتها.. لا تترك البحث عن المخرج ولا تحِد بك الطريق.. أما من قعد هناك يبحث عن السقطة ويقع على القذر ويفلسف النفاق، ويستأكل بدين الله تعالى فلا تشغل بالك بهم ولا يضغطون عليك؛ لا عددهم ولا مواقفهم.. وتأكد «إن يكن فيه خير فسيأتي الله به» كلمة قالها رسول الله فجاء أبو ذر وجاء أبو خيثمة، وقعد المنافقون.
كلنا رجاء أن يأتي الله تعالى بهم جميعا.. ونحن ننتظرهم وأمتهم تنتظرهم.. لو عادوا فسيكونون خيرا وقوة.. وإلا فلا تأس ولا تتعطل بل امض لعل في مضيك تحفر مجرى يأتي بالكثير..
مدحت القصراوي
كاتب إسلامي