مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - وإنكم لتمرون عليهم مصبحين

منذ 2018-04-12

{ وَإِنَّ لُوطًا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ * ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ * وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ * وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ }   [الصافات 133 - 138]

{وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ} :

في سياق ذكر الرسل و الأمم الغابرة يعرض علينا القرآن بإيجاز مشهد من مشاهد التاريخ إذ تغلب الشهوة المنحرفة على قوم لوط و تصدهم عن الإيمان و التقوى و تبعدهم عن طريق الأولياء لتذهب بهم بعيداً حيث طريق الأشقياء , و تتكرر فيهم سنة الله في المجرمين , إذ ينجي الله لوطا و المؤمنين معه إلا امرأته التي كانت على دين قومها و طريقتهم ذاقت ما ذاقوا من العذاب و التدمير , و أصبحوا و قد فنوا عن آخرهم و أصبحت مساكنهم و آثارهم آية لكل معتبر.

و هي رسالة لأمة محمد صلى الله عليه و سلم و إنذار لكل من تسول له نفسه العناد و الاستكبار عن الحق المبين : مهما طالت المهلة و مهما طال حلم الله فعاقبة المؤمن النجاة و عاقبة المجرم المصر الهلاك و البوار.

قال تعالى:

{ وَإِنَّ لُوطًا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ * ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ * وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ * وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ }   [الصافات 133 - 138]

قال السعدي في تفسيره:

وهذا ثناء منه تعالى على عبده ورسوله، لوط بالنبوة والرسالة، ودعوته إلى اللّه قومه، ونهيهم عن الشرك، وفعل الفاحشة.

فلما لم ينتهوا، نجاه اللّه وأهله أجمعين، فسروا ليلا فنجوا.

{ {إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ} } أي: الباقين المعذبين، وهي زوجة لوط لم تكن على دينه.

{ {ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ }} بأن قلبنا عليهم ديارهم { {فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ } } حتى همدوا وخمدوا.

{ {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ} } أي: على ديار قوم لوط { {مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ} } أي: في هذه الأوقات، يكثر ترددكم إليها ومروركم بها، فلم تقبل الشك والمرية { { أَفَلَا تَعْقِلُونَ} } الآيات والعبر، وتنزجرون عما يوجب الهلاك؟

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
وإن إلياس لمن المرسلين
المقال التالي
فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين