مع القرآن - فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون؟

منذ 2018-04-14

ادعاء الولد لله سبحانه، و الله منزه عن هذا فالله واحد فرد صمد لم يلد و لم يولد، ليس له مثيل و لا مكافيء في خلقه، متفرد في ذاته و صفاته و ملكه.

{فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ}:

من كذبات الكفار الكبرى التي ادعوها جهلاً و صدقوها و قدسوها: الادعاء بأن الملائكة بنات الله، وهذا فيه من البهتان ما فيه من جهتين:

الأولى: ادعاء الولد لله سبحانه، و الله منزه عن هذا فالله واحد فرد صمد لم يلد و لم يولد، ليس له مثيل و لا مكافيء في خلقه، متفرد في ذاته و صفاته و ملكه، يخلق ما يشاء و يسخر من عباده من يشاء لما يشاء من مهام، فالكل له مخلوق خاضع و هو وحده صاحب القوة و القهر.

الثانية: أنهم اختاروا لله أضعف الجنسين في نظرهم، بينما كانوا هم يكرهون لأنفسهم إنجاب البنات!

فأي عقيدة فاسدة هذه و أي تصور للإله كانوا يتصورونه وأي حكم ظالم هذا؟ و أين الحجة و الدليل و البرهان على هذا الاعتقاد؟


قال تعالى:
{فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ * أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ * وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ * أَفَلَا تَذَكَّرُونَ * أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ * فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الصافات 149 – 157].


قال السعدي في تفسيره:

يقول تعالى لنبيه محمد صلى اللّه عليه وسلم: {فَاسْتَفْتِهِمْ} أي: اسأل المشركين باللّه غيره، الذين عبدوا الملائكة، وزعموا أنها بنات اللّه، فجمعوا بين الشرك باللّه، ووصفه بما لا يليق بجلاله، {أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ} أي: هذه قسمة ضيزى، وقول جائر، من جهة جعلهم الولد للّه تعالى، ومن جهة جعلهم أقل القسمين قوة وهو البنات التي لا يرضونهن لأنفسهم، كما قال في الآية الأخرى {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ} ومن جهة جعلهم الملائكة بنات اللّه، وحكمهم بذلك.

قال تعالى في بيان كذبهم: {أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ} خلقهم؟ أي: ليس الأمر كذلك، فإنهم ما شهدوا خلقهم، فدل على أنهم قالوا هذا القول، بلا علم، بل افتراء على اللّه، ولهذا قال: {أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ} أي: كذبهم الواضح {لَيَقُولُونَ * وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}.

{أَصْطَفَى} أي: اختار {أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} هذا الحكم الجائر.

{أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} وتميزون هذا القول الباطل الجائر، فإنكم لو تذكرتم لم تقولوا هذا القول.

{أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ} أي: حجة ظاهرة على قولكم، من كتاب أو رسول.

وكل هذا غير واقع، ولهذا قال: {فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} فإن من يقول قولا لا يقيم عليه حجة شرعية، فإنه كاذب متعمد، أو قائل على اللّه بلا علم.

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
فلولا أنه كان من المسبحين * للبث في بطنه إلىٰ يوم يبعثون
المقال التالي
وجعلوا بينه و بين الجنة نسباً