مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب
{وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ * وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ * وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ} [ص 17 – 20]
{وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ} :
يذكر الله تعالى نبيه صلى الله عليه و سلم و المؤمنين بعبده الصالح داود , الذي آتاه الله قوة البدن وقوة القلب , وقوة الرجوع والأوبة إلى الله والاعتراف بالخطأ والمسارعة في التوبة, فلما كان منه ذلك آتاه الله تعالى نعماً عظيمة , فسخر له الجبال تسبح وترتل , وكذا الطير , ووسع الله في ملكه وقواه وآتاه العلم والحكمة و الفرقان الذي يفرق به بين الحق والباطل ويحكم بين العباد بما أراه الله على بصيرة ونور من الله , كما آتاه حسن المنطق والبيان والفصل في الخطاب.
قال تعالى :
{وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ * وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ * وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ} [ص 17 – 20]
قال السعدي في تفسيره:
لما أمر اللّه رسوله بالصبر على قومه، أمره أن يستعين على الصبر بالعبادة للّه وحده، ويتذكر حال العابدين، كما قال في الآية الأخرى: { {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا } }
ومن أعظم العابدين، نبي اللّه داود عليه الصلاة والسلام { { ذَا الْأَيْدِ } } أي: القوة العظيمة على عبادة اللّه تعالى، في بدنه وقلبه. { {إِنَّهُ أَوَّابٌ} } أي: رجَّاع إلى اللّه في جميع الأمور بالإنابة إليه، بالحب والتأله، والخوف والرجاء، وكثرة التضرع والدعاء، رجاع إليه عندما يقع منه بعض الخلل، بالإقلاع والتوبة النصوح.
ومن شدة إنابته لربه وعبادته، أن سخر اللّه الجبال معه، تسبح معه بحمد ربها { {بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ} } أول النهار وآخره.
{ و } سخر { {الطَّيْرَ مَحْشُورَةً} } معه مجموعة { {كُلٌّ} } من الجبال والطير، لله تعالى { {أَوَّابٌ } } امتثالا لقوله تعالى: { { يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ } } فهذه مِنَّةُ اللّه عليه بالعبادة.
ثم ذكر منته عليه بالملك العظيم فقال: { {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ} } أي: قويناه بما أعطيناه من الأسباب وكثرة الْعَدَد والْعُدَدِ التي بها قوَّى اللّه ملكه، ثم ذكر منته عليه بالعلم فقال: { {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ } } أي: النبوة والعلم العظيم، { {وَفَصْلَ الْخِطَابِ} } أي: الخصومات بين الناس.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: