مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - قل هو نبأ عظيم

منذ 2018-05-04

{ قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ * قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ * أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ * مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ * إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ }   [ص 65-70]

{قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ * أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ} :
قل يا محمد لكل معرض مكذب مبتعد عن كلماتي معاد لمنهجي ورسالاتي مبغض لأوليائي : هو نبأ عظيم و هي كلمات من نور نزل بها الروح الأمين فيها خبر من قبلكم و سبيل سعادتكم ونجاتكم و طريقة خلاصكم أنزلها رب السماوات و الأرض المستحق للعبادة وحده لا شريك له فلا قهار ولا مدبر لشؤون الكون غيره سبحانه رب العزة و الملكوت و القوة والجبروت من يملك وحده الصفح و العفو كما أنه وحده يملك أشد أساليب العقاب , فكيف تعرضون عن كلماته و تضربون بأوامره عرض الحائط وتلجون في نواهيه و محرماته كأنه لم ينه عنها بلا خوف ولا إيمان بعقاب منتظر؟؟؟ أي نكران هذا ؟؟؟
من أخبر محمداً صلى الله عليه وسلم عن اختصام الملأ الأعلى في خلق آدم من فوق سبع سماوات طباقاً تحوي من المسافات و الأجرام ما لا يطيق تصوره عقل بشر و مالم تصل إليه وسائل العد الإنسانية , فكيف وصل محمد إلى كل هذه الأسرار و اكتمال كل الأخبار إن لم يكن أعلمها إياه خالق السماوات و الأرض العزيز القهار؟!!!!
ما محمد إلا نذير من الله بلغ رسالته و أكمل نذارته فمن رضي فله الرضا و من سخط و أعرض فعليه إعراضه و عليه السخط.
قال تعال:
 { قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ * قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ * أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ * مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ * إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ }   [ص 65-70]
قال السعدي في تفسيره:
{ {قُلْ} } يا أيها الرسول لهؤلاء المكذبين، إن طلبوا منك ما ليس لك ولا بيدك: { { إِنَّمَا أَنَا مُنْذِ} رٌ } هذا نهاية ما عندي، وأما الأمر فلله تعالى، ولكني آمركم، وأنهاكم، وأحثكم على الخير وأزجركم عن الشر فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَعَلَيْهَا { {وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ} } أي: ما أحد يؤله ويعبد بحق إلا اللّه { {الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ } } هذا تقرير لألوهيته، بهذا البرهان القاطع، وهو وحدته تعالى، وقهره لكل شيء، فإن القهر ملازم للوحدة، فلا يكون قهارين متساويين في قهرهما أبدا.
فالذي يقهر جميع الأشياء هو الواحد الذي لا نظير له، وهو الذي يستحق أن يعبد وحده، كما كان قاهرا وحده، وقرر ذلك أيضا بتوحيد الربوبية فقال: { {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا} } أي: خالقهما، ومربيهما، ومدبرها بجميع أنواع التدابير. { { الْعَزِيزُ } } الذي له القوة، التي بها خلق المخلوقات العظيمة. { {الْغَفَّارُ } } لجميع الذنوب، صغيرها، وكبيرها، لمن تاب إليه وأقلع منها.
فهذا الذي يحب ويستحق أن يعبد، دون من لا يخلق ولا يرزق، ولا يضر ولا ينفع، ولا يملك من الأمر شيئا، وليس له قوة الاقتدار، ولا بيده مغفرة الذنوب والأوزار.
{ {قُلْ} } لهم، مخوفا ومحذرا، ومنهضا لهم ومنذرا: { {هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ } } أي: ما أنبأتكم به من البعث والنشور والجزاء على الأعمال، خبر عظيم ينبغي الاهتمام الشديد بشأنه، ولا ينبغي إغفاله.
ولكن { { أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ } } كأنه ليس أمامكم حساب ولا عقاب ولا ثواب، فإن شككتم في قولي، وامتريتم في خبري، فإني أخبركم بأخبار لا علم لي بها ولا درستها في كتاب، فإخباري بها على وجهها، من غير زيادة ولا نقص، أكبر شاهد لصدقي، وأدل دليل على حق ما جئتكم به، ولهذا قال: { مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى } أي: الملائكة { {إِذْ يَخْتَصِمُونَ} } لولا تعليم اللّه إياي، وإيحاؤه إلي، ولهذا قال: { {إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ} } أي: ظاهر النذارة، جليها، فلا نذير أبلغ من نذارته صلى اللّه عليه وسلم.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن 

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
وقالوا مالنا لا نرى رجالاً كنا نعدهم من الأشرار
المقال التالي
قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين