خسائر التراجع عن :خير أمة
ثانيًا.. يخسر المسلمون بطاقة تقدمهم للعالم.. فالإسلام يحدد من أنت، وبعد أن تحدد «من أنت» تَقَدَّمْ إلى العالم وعامِلْ أممه وشعوبه جميعهم بانفتاح على جميع الحضارات والأمم والشعوب، ولكن وأنت حاضر وذاتك حاضرة وهويتك محددة ووظيفتك الحضارية ودورك العالمي معروف، وقناعتك بقيمك مستقرة وعمق انتمائك ثابت.
عندما يختارنا الله ويعدنا ﴿ {خير أمة} ﴾ ويهيء المسلمين لوظيفة في حياة البشرية..
وعندما يتخلى المسلمون عن هذا الاختيار والتكريم، وعن القيام بتلك الوظيفة الشريفة، وعن هويتهم الربانية الى قوميات متطرفة متناحرة، ووطنيات عفنة تتفاخر عل بعضها وتنزوي على نفسها وتوالي الكافرين وتؤخر الولاء الإسلامي في الثقافة والتاريخ والإعلام والتعليم..
عندها يخسر المسلمون كثيرًا إن تَخَلوا عن هويتهم المرتبطة بعقيدتهم، أو تذبذبوا أو ترددوا في شأنها.
أولًا.. يخسرون بالتخلي عن مقتضى دينهم وعقيدتهم فيغضبون ربهم تعالى.
ثانيًا.. يخسر المسلمون بطاقة تقدمهم للعالم.. فالإسلام يحدد من أنت، وبعد أن تحدد «من أنت» تَقَدَّمْ إلى العالم وعامِلْ أممه وشعوبه جميعهم بانفتاح على جميع الحضارات والأمم والشعوب، ولكن وأنت حاضر وذاتك حاضرة وهويتك محددة ووظيفتك الحضارية ودورك العالمي معروف، وقناعتك بقيمك مستقرة وعمق انتمائك ثابت.
ثالثًا.. يخسرون قوة الاستقطاب العقدي، وهي قوة اجتماعية كبيرة، خسارتها تعني خسارة قوة اجتماع المسلمين على رايتهم، مما يجعلهم عرضة لتمرير المخططات المختلفة، سواء تنصيرية أو تفتيتية أو تغريبية، أو نشر قيم الإلحاد والإباحية، أو فقدان القدرة على مواجهة الظلم في تكتلات قوية؛ ففقدان الهوية الأصيلة تعني عدم المناعة تجاه الغير، سواء مناعة فكرية أو مناعة قوة تستطيع الصمود أمام القوى المادية لمعسكرات الأرض.
ورابعًا.. يخسرون الواقع نفسه؛ لظنهم أن الجميع قد تخلى عن مقتضى الدين والعقائد في العمل العام، لأنه يقال لهم: إن التمسك بالهوية المرتبطة بالعقائد خيانة للأوطان، كما أنها من إرث الماضي، وأن العالم في العصر الحديث قد تخلى عن البعد الديني، ولم يبق أحد يحتفظ بالبعد العقدي إلا المسلمون، بل وأن تَمَسُّك المسلمين بالبعد العقدي هو سبب تخلفهم.. ثم يفاجَؤون بحضور الدور العقدي وتحريكه للتحالفات والأحداث سواء محليًّا أو إقليميًّا أو دوليًّا. سواء كان تأثيره منفردًا أو مع غيره من الدوافع.
خامسًا.. يخسر كذلك غير المسلمين.. ذلك أن الإسلام هو هوية الأمة ولا تتجمع على غيره، وغالبية المجتمع يجب أن تحدد هويته ونظامه مع احترام حقوق الجميع، وبالتالي فهو لا يتعصب ضد أحد، ولكنه يقيم المنهج الإلهي ويوصل الحقوق لأهلها تعبدًا لله تعالى، وظلمه لغير المسلم يحاسب عليه في الدنيا والآخرة.
وبتحقيق الهوية الإسلامية يُقضَى على ظواهر الاغتراب، وتتحقق المشاركة، فتنجح مشاريع التنمية الحضارية الشاملة، وتحدث النقلات الهائلة في تاريخ الأمم، ويعود نفعها على الجميع. وعندما لا يشعر المسلمون بتحركات معادية لدينهم أو بلادهم أو نزعات انفصالية يستقر المجتمع ويسود التسامح، وينعم غير المسلمين بسيادة المنهج الرباني وتحقيق قيمه العادلة والسامية، وينعم الجميع بعائد التنمية والعدالة الاجتماعية.. وتنتهي صورة التفزيع الظالم والمتعمد والمستمر للتخويف الظالم من المسلمين ومن استقرار الهوية الإسلامية وسيادة المنهج الرباني.
سادسًا.. بل تخسر البشرية كلها عدم رؤية تحقيق منهج الله تعالى وإقامته هويةً وشريعةً، ويظل الإسلام مشوها دون أن يؤدي دوره المنوط به، ودون أن تظهر حقيقته للعالمين على وجه الممارسة السياسية والمجتمعية والاقتصادية والفكرية والفنية، والممارسة العامة، ليهتدي به من كتب الله تعالى له السعادة.
مدحت القصراوي
كاتب إسلامي
- التصنيف: