مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - أم أبرموا أمراً فإنا مبرمون

منذ 2018-09-07

أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ * أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ

{أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ} :

هل يبرم المعاندون المكذبون المعادون لله وأوليائه  أمراً دون علم الله أو تحت عينه وسلطانه؟

أبداً والله , وتاريخ الإنسان شاهد على كل الحكايا والنهايات وإلا فأين هم الآن والموت حقيقة حتمية , هم بين يدي من عادوه وعاندوه , فأين المكر وأين الحيل , والله لن تغني أي شيء.

هم يكيدون و يدبرون تحت عين الله وسمعه , ولكن عميت بصائرهم عن إدراك الحقيقة المطلقة وهي أنهم دائماً في قبضة من يعادونه وأن كل همسة ونفس يخرج من صدورهم يحصيه عليهم.
قال تعالى:

  { أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ * أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ } [ الزخرف  79-80]

قال السعدي في تفسيره:

يقول تعالى: أم أبرم المكذبون بالحق المعاندون له { {أَمْرًا } } أي: كادوا كيدا، ومكروا للحق ولمن جاء بالحق، ليدحضوه، بما موهوا من الباطل المزخرف المزوق، { {فَإِنَّا مُبْرِمُونَ } } أي: محكمون أمرا، ومدبرون تدبيرا يعلو تدبيرهم، وينقضه ويبطله، وهو ما قيضه اللّه من الأسباب والأدلة لإحقاق الحق وإبطال الباطل، كما قال تعالى: { {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ} }

{ {أَمْ يَحْسَبُونَ} } بجهلهم وظلمهم { {أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ} } الذي لم يتكلموا به، بل هو سر في قلوبهم { {وَنَجْوَاهُمْ } } أي: كلامهم الخفي الذي يتناجون به، أي: فلذلك أقدموا على المعاصي، وظنوا أنها لا تبعة لها ولا مجازاة على ما خفي منها.

فرد اللّه عليهم بقوله: { {بَلَى} } أي: إنا نعلم سرهم ونجواهم، { {وَرُسُلُنَا} } الملائكة الكرام، { {لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} } كل ما عملوه، وسيحفظ ذلك عليهم، حتى يردوا القيامة، فيجدوا ما عملوا حاضرا، ولا يظلم ربك أحدا.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون
المقال التالي
قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين