مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم

منذ 2018-09-27

أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ

{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} :

من أشد أنواع الأوثان خطورة وثن "الهوى" فهو وثن مركب داخل الإنسان يلاصقه أينما حل , ويرافقه في شتى المواقف , فمن جعل هواه وشهواته سائقاً له في حياته فيقدم رغباته على أمر الله ويطيع هواه فيما حرم الله ويقدم الأهواء على كلمات الله فيتخذ من مجموع تلك الأهواء منهجاً وسبيلاً لا يحيد عنه ولو تعارض كل التعارض مع توحيد الله وأوامره ونواهيه  فقد باء بالخسران وضل بعد علم .

وأشد عقوباته في الدنيا قبل الآخرة أن ختم الله على سمعه وقلبه فلا يستمع إلى الهدى ولا يؤمن به وأعمى الله بصره وبصيرته فلا يرى بنور الله وإنما بما أملاه عليه هواه , فأوكله الله إلى نفسه ليبوء بالخسران المبين.

قال تعالى:

{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} . [الجاثية 23]

قال السعدي في تفسيره :

يقول تعالى: { { أَفَرَأَيْتَ} } الرجل الضال الذي { {اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} } فما هويه سلكه سواء كان يرضي الله أو يسخطه. { {وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ } } من الله تعالى أنه لا تليق به الهداية ولا يزكو عليها. { { وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ } } فلا يسمع ما ينفعه، { {وَقَلْبِهِ} } فلا يعي الخير { {وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً } } تمنعه من نظر الحق، { {فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ } } أي: لا أحد يهديه وقد سد الله عليه أبواب الهداية وفتح له أبواب الغواية، وما ظلمه الله ولكن هو الذي ظلم نفسه وتسبب لمنع رحمة الله عليه { { أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} } ما ينفعكم فتسلكونه وما يضركم فتجتنبونه.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
وخلق الله السماوات والأرض بالحق
المقال التالي
وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر