العَداوَةُ عَلىَ فِراشِ المَرَض
تبدو العداوات حتى التي انتصر فيها صاحبها عِبْئا ثقيلا على صدره وشبَحَا مُنذرا بسوء عاقبته
علىَ فراشِ المرض يُعيد المؤمن النظرَ في عداواته كُلِّها .
يرى بعض هذه العداوات لم تكن تستحق كلَّ هذه العداوة خصوصاً عندما يرى الدنيا بقلبٍ موقنٍ بفراقها فيراها فقد ذبلت وذهب بريقها ولمعانها وأصبحت عجوزاً بعد شبابها.
يرى بعض هذه العداوات كان سببها أنه كان قوياً قادراً على التحدي وإنزال الغضب والعقوبة على خصمه لكن الحقيقة أنه لايوجد سببٌ حقيقيٌ قويٌ لهذه العداوة.
على فراش المرض ـ الذي قد يكون هو فراش الموت ـ أي عند اليقين بلقاء الله تعالى والوقوف بين يديه واليقين في الرحيل من الدنيا ومفارقة زهرتها :
تبدو العداوات حتى التي انتصر فيها صاحبها عِبْئا ثقيلا على صدره وشبَحَا مُنذرا بسوء عاقبته وعودة الجولة للمظلوم وهنا يأتي نوعٌ من عذاب الآخرة قبل حلولها وهو عذاب الحسرة ( {كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم} )
لكن بعض العداوات كانت لله تعالى أي كانت بسبب كلمة حقٍ قالها حِسبةً لله، أو شهادة عدلٍ لم يشهد فيها إلا بما علم فعاداه من عاداه وصار له خصماً.
أو بسبب دعوةٍ إلى الله أو أمرٍ بمعروف أو نهيٍ عن منكرٍ أو كشف ظلمٍ، أو غضبةٍ لله غضبها ولم يكن بوسعه أن يكتمها ؛ حتى هذه العداوات يأتي المرض والنوم على الفراش فيمحصها ويختبرها ويجدد السؤال: هل هي فعلاً كانت كذلك لله ؟أم أن هذه مزاعم نفسٍ أو استجابة للطبع أو الهوى؟
على فراش المرض يحتفظ المؤمن بما في قلبه من بُغض لأعداء الله فمن أحبَّ اللهَّ أبغض أعداءه، ويسعد بما كان منه من عداوة في الله ولله وبالله ويحمد الله على مواقفه التي غضب فيها لوجه الله فهذه الغضبة دليل محبة يسعد به المُحب عند لقاء المحبوب. خصوصا عندما يذكره له المحبوب ويسأله: ماالذي أغضبك يوم كذا ؟ فما أسعده بالإجابة ، ولربما كانت هذه الغضبة وحدها أثقل في موازينه من أي عمل آخر فالغضب لله عبادة ونوعٌ من الجهاد ،
اللهم أسعدنا بلقائك واجعل خير أيامنا يو نلقاك راضياً يارب العالمين
- التصنيف: