مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قرباناً آلهة
وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
{فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً} :
مهما طالت مهلة الله بالمستكبر المعاند المصر على عداء الله فالهلاك محقق , وعلى كل إنسان أن يتخير إما سبيل السلامة أو سبيل الهلاك , وتلك سنة الله في المكذبين وما حال الأمم السابقة ببعيد , بل وما نهايات الطغاة في كل عصر عنا ببعيد .
فهل أغنت عنهم الأهواء والأوثان والشهوات المعبودة من دون الله؟ بل تخلت عنهم حتى قواهم وأجسادهم التي عصوا الله بها وقت حاجتهم إياها , فالمتبوع سيتبرأ من تابعيه والجسد سيهن ويضعف والشهوة ستضمحل ولا يتبقى سوى الجزاء.
قال تعالى:
{وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ * فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ } [الأحقاف 27-28]
قال السعدي في تفسيره:
يحذر تعالى مشركي العرب وغيرهم بإهلاك الأمم المكذبين الذين هم حول ديارهم، بل كثير منهم في جزيرة العرب كعاد وثمود ونحوهم وأن الله تعالى صرف لهم الآيات أي: نوعها من كل وجه، { {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} } عماهم عليه من الكفر والتكذيب.
فلما لم يؤمنوا أخذهم الله أخذ عزيز مقتدر ولم تنفعهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء ولهذا قال هنا: { {فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً} } أي: يتقربون إليهم ويتألهونهم لرجاء نفعهم.
{ {بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ } } فلم يجيبوهم ولا دفعوا عنهم، { {وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} } من الكذب الذي يمنون به أنفسهم حيث يزعمون أنهم على الحق وأن أعمالهم ستنفعهم فضلت وبطلت.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: