ذم السخرية في السنة النبوية
يعني يكفي المؤمن من الشرِّ أن يحقر أخاه المسلم، وهذا تعظيم لاحتقار المسلم، وأنه شرٌّ عظيم
ذم السخرية في السنة النبوية :
- عن عائشةرضي الله عنها قالت: (( «حكيت للنبي صلى الله عليه وسلم رجلًا فقال: ما يسرني أني حكيت رجلًا وأن لي كذا وكذا، قالت: فقلت: يا رسول الله، إن صفية امرأة، وقالت بيدها هكذا، كأنها تعني قصيرة، فقال: لقد مزجت بكلمة لو مزجت بها ماء البحر لمزج)) وفي لفظ لأبي داود: ((فقال: لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته، قالت: وحكيت له إنسانًا. فقال: ما أحب أني حكيت إنسانًا وأنَّ لي كذا وكذا» )) [ صححه الألباني ] .
(قوله: ((وقالت بيدها)) أي أشارت بها (تعني قصيرة)، أي تريد عائشة كونها قصيرة، وفي المشكاة قلت: للنبي صلى الله عليه وسلم حسبك من صفية كذا وكذا تعني قصيرة ((لقد مزجت بكلمة)) أي أعمالك ((لو مزج))بصيغة المجهول أي لو خلط (بها) أي على تقدير تجسيدها، وكونها مائعة (لمزج) بصيغة المجهول أيضًا والمعنى تغير وصار مغلوبًا. وفي المشكاة: لقد قلت كلمة لو مزج بها البحر لمزجته. قال القاري: أي غلبته وغيرته. قال القاضي: المزج الخلط والتغيير بضم غيره إليه) .
وقوله ((ما أحب أني حكيت إنسانًا)): (أي فعلت مثل فعله أو قلت مثل قوله منقصًا له يقال حكاه وحاكاه، قال الطِّيبي: وأكثر ما تستعمل المحاكاة في القبيح ((وأن لي كذا وكذا)) أي لو أعطيت كذا وكذا من الدنيا أي شيئًا كثيرًا منها بسبب ذلك، فهي جملة حالية واردة على التعميم والمبالغة، قال النووي: من الغيبة المحرمة المحاكاة بأن يمشي متعارجًا أو مطاطيًا رأسه، أو غير ذلك من الهيئات) .
- وعن أم هانئ رضي الله عنها أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: (( «قلت: يا رسول الله، أرأيت قول الله تبارك وتعالى: {وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ} [[العنكبوت: 29]] ما كان ذلك المنكر الذي كانوا يأتونه؟ قال: كانوا يسخرون بأهل الطريق، ويخذفونهم» )) [قال الحاكم : صحيح الإسناد] .
قال المباركفوري: (اختلف في المنكر الذي كانوا يأتونه فيه، فقيل: كانوا يخذفون الناس بالحصباء ويستخفون بالغريب، وقيل: كانوا يتضارطون في مجالسهم قالته عائشة، وقيل:كانوا يأتون الرجال في مجالسهم وبعضهم يرى بعضًا، وقيل: كانوا يلعبون بالحمام، وقيل: كانوا يناقرون بين الديكة، ويناطحون بين الكباش؛ وقيل: يبزق بعضهم على بعض، ويلعبون بالنرد والشطرنج، ويلبسون المصبغات) .
- و كان ابن مسعود رضي الله عنه يجتني سواكًا من الأراك، وكان دقيق الساقين، فجعلت الريح تكفؤه، فضحك القوم منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مم تضحكون؟ قالوا: يا نبي الله، من دقة ساقيه، فقال: والذي نفسي بيده، لهما أثقل في الميزان من أحد» )) [صححه الألباني ] .
- وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( «(لا تحاسدوا، ولا تناجشوا ، ولا تباغضوا، ولا تدابروا ، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانًا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله، ولا يحقره التقوى هاهنا)) ويشير إلى صدره ثلاث مرات ((بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه» )) [رواه مسلم ] .
قوله: ((بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم)) (يعني يكفي المؤمن من الشرِّ أن يحقر أخاه المسلم، وهذا تعظيم لاحتقار المسلم، وأنه شرٌّ عظيم، لو لم يأت الإنسان من الشر إلا هذا؛ لكان كافيًا، فلا تحقرن أخاك المسلم، لا في خلقته، ولا في ثيابه، ولا في كلامه، ولا في خلقه، ولا غير ذلك، أخوك المسلم حقه عليك عظيم، فعليك أن تحترمه وأن توقره، وأما احتقاره فإنه محرم، ولا يحل لك أن تحتقره، وكذلك حديث ابن مسعود وحديث جندب بن عبد الله رضي الله عنهما كلاهما يدل على تحريم احتقار المسلم، وأنه لا يحل له)
- التصنيف:
- المصدر: