هذه الثورات

منذ 2011-06-22

..وإن كنا لا نسلم لمن يقول إن هذه الثورات ومن يحركها ويصنعها هم الغرب لإثارة الفتن في البلاد العربية، لكنها لتستبين سبيل المجرمين الذين يربضون على كراسي الرئاسة، والمتشبثين بالعقلية الآنية الذاتية فقط على أن يبقى هو وحده لا غير.




{ولتستبين سبيل المجرمين}
(أي: المستبدين)

وإن كنا لا نسلم لمن يقول إن هذه الثورات ومن يحركها ويصنعها هم الغرب لإثارة الفتن في البلاد العربية، لكنها لتستبين سبيل المجرمين الذين يربضون على كراسي الرئاسة، والمتشبثين بالعقلية الآنية الذاتية فقط على أن يبقى هو وحده لا غير.

لتستبين سبيل المجرمين.. في كشف المستور وإبانة عن المخبوء مما كان خلف تدبير المجرمين... توريث تسلط انفراد- استقواء بالغير.

وكأني انظر إلى بيت القيم لدى هؤلاء فلا أراه إلا وقد بني من نسيج الانتقاص من الغير وقيم الهبوط إلى المساخر الشائنة التي تعتبر البشر عبارة عن قطيع من الغنم يساق كيفما شاء وبأي ا تجاه يريد، هذه العقلية لا تعترف بفضيلة إلا من خلالها ولا بفعل حسن إلا من صناعتها.


حقا الفساد يصنع الاستبداد... فساد رأي، فساد توجه، فساد تصرف، ناهيك عن الإفساد حيث لا يوجد فساد.

لتستبين سبيل المجرمين.. عن كشف الغيوم التي غطت سماء العابثين.. بغيوم يظن أنها مطر نافع لكن سرعان ما تحولت إلى أعاصير اجتاحت منابت الخير ومشاعر الفضيلة، فأفسدت مقدرات هائلة للأمة بالمال والنفس والحرث والنسل.

قل لي بربك أي رأس ورئيس هذا الذي يقتل شعبه ويجترئ على سفك دمه دون وازع من ضمير أو رادع من دين، تلك عقلية المستبد و فكره وما تربى عليه.


هذه الثورات.... لتستبين سبيل المجرمين... عن الولاءات والانتماءات المشبوهة، فأي ولاء تريد وأنت تسلب مني لساني، وأي انتماء وأنت تسرق مني حريتي.

بانت الولاءات الحقيقية ولمن تكون في ميزان المستبد إنها للعم سام، ولاءات للمتندرين على الشعوب المقهورة، وانتماءات للذين يرقصون على جراح الأمة النازفة.

لتستبين سبيل المجرمين... في ولادة عسيرة للاستبداد، فالمتعارف عليه أن الحمل يستغرق تسعة شهور، ولكننا نفاجأ بحمل اسمه الاستبداد استمر ما بين (30 - 40) سنة وكانت الولادة من العجب العجاب عسيرة جدا ثم المولود جاء مشوها، أتعرفون ما السبب؟ إنه الاقتران الذي تعرض لأشعة المال المسروق، ولنوع معين من المخدر يقال له منصب.

لتستبين سبيل المجرمين... عن البوصلة التي دارت في كل الاتجاهات حتى انتهت إلى قطع المؤشر الذي يوصل إلى التفاهم بفعل فاعل... المستبد.


هل حدث التاريخ عن فرد واحد يصف رعيته بالفئران والجرذان ثم يريد أن يحكمهم إلا بالاستبداد والطغيان، أو حدث عن فرد يصف شعبه بان الأيادي التي يملكون متسخة لا تستحق أن تسلم زمام الأمور، لكنها العقلية الملوثة لكل نظافة وطهارة ونقاء وقعت عليها.

أو حدثنا عمن يعتبر المنادي بكرامته وعزته وعيشه الكريم من مقدراته التي بذلها بأنه (مندس) وإرهابي، ولكن الإرهاب نبع ونبت من تحت دفته.

لتستبين سبيل المجرمين... في تغييب الشعوب عن الحقائق لتعيش في الظلام ويبقى هو في النور وحده.

لتستبين سبيل المجرمين... في اتخاذ ساسة ومن يلحق بهم، وإعطائهم النصيب الأكبر من الغنيمة: (ذئب غدا على قطيع من الغنم)، لكن يبقى الشعب في بؤس وشقاء، بينما ييسر للسفلة سبل الكسب غير المشروع (سرقة.... ).


ونختم بمقولة لمنتسكيو: "إن أساس الحكومة المستبدة الخوف، لكن عند شعوب خجولة وجاهلة ومهزومة والتي لا تحتاج إلى قوانين كثيرة، وهي شبيهة بالحيوان الذي لا يحتاج معه إلا ضربة أو ضربتين على رأسه لكي يتحرك".

{ولتستبين سبيل المجرمين..  } [الأنعام 55]. {وما يعقلها إلا العالمون} [العنكبوت 43].

والحمد لله رب العالمين..


 

المصدر: يوسف معايعة - موقع المختار الإسلامي