هل هم متنطعون حقاً !

منذ 2001-05-04

رد على دعاة تحرير المرأة...

في هذه الأيام كثر الكلام من جديد حول تغطية الوجه...
ومجمل كلام دعاة السفور يدور حول أن جمهور العلماء على جواز الكشف، وأنه لا يوجد نص يوجب على المرأة تغطية وجهها، وأن إيجاب التغطية تشدد وإلزام بما لا يلزم، وأن تغطية الوجه إنما هي ترسبات اجتماعية وعادات وتقاليد لا تمت إلى الدين بصلة.

وهذا كله مجانف للحقيقة، وفيه تجن وافتراء..

فإن صدر من جاهل لا يعرف أوامر الشرع وحقيقة أقوال العلماء فهو جريء على قول ما لا يعلم، وإن صدر من عارف، مدرك أن القول بوجوب التغطية لا يمكن إلغاءه أو الطعن فيه بشيء، وهو القول الذي تدعمه النصوص الصريحة الصحيحة، فهذا ممن يحب أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا.

وفي كل حال، يجب أن نبين أن الدين الواجب والشريعة الماضية وتاريخ الأمة وإجماعها كلها شاهدة أن تغطية الوجه هو الواجب، وهو الأصل، وهو الأفضل إذا اعتبرنا قول المخالفين، وأن السعي الحثيث المتقصد للتهوين من شأن تغطية الوجه، ومحاولة استنزال الأمة من عليائها لا يمكن أن يقوم به إلا جاهل أو مفسد لا يريد إلا الشر والفتنة، وهذا بيان ذلك:


التغطية دين واجب وشريعة ماضية


التغطية دين وشريعة ماضية، ليست ترسبات اجتماعية قائمة على التقاليد، فكل ما دلت عليه النصوص فهو دين وليس تقليدا أو عادة، وإن ترسخه في المجتمع وعمل الناس به لا يخرجه عن كونه دينا، وهاكم أدلة الحجاب مختصرة مبينة:
قال تعالى: {وإذا سألتموهن متاعا فسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}.

هذا نص صريح في وجوب تغطية الوجه وسائر البدن، ولما كان كذلك ادعى المخالفون أنه خاص بأمهات المؤمنين!.

وقال: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن}.

وقد فسر ابن عباس رضي الله عنه الآية بقوله: " أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عينا واحدة"، ومثله عن عبيدة السلماني.

وقال: { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن}، قال ابن مسعود: " الثياب"، أي العباءة أو الجلباب، فلا يمكن ستره، فمعفو عنه، وكذا إذا ما حركت الريح العباءة فظهر منها شيء دون قصد.

وقال تعالى : { والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن}، فالآية دالة على إباحة كشف الوجه للمرأة الكبيرة اليائسة من النكاح، قال الجصاص: " أباح لها كشف وجهها ويدها لأنها لا تشتهى".

وقال صلى الله عليه وسلم: ( إن المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان) رواه الترمذي ، وهذا نص صريح في وجوب ستر سائر البدن من غير استثناء.


الأصل في تاريخ الأمة الحجاب


كان النساء في عهد الصحابة يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن، قال عائشة رضي الله عنها:
" يرحم الله نساء المهاجرات الأول، لما أنزل الله: { وليضربن بخمرهن على جيوبهن}، شققن مروطهن فاختمرن بها" البخاري في التفسير، قوله: { وليضربن بخمرهن على جيوبهن} ..
قال ابن حجر: " قوله: [فاختمرن] أي غطين وجوههن" الفتح 8/490، ويقال: خمر الإناء إذا غطى وجهه.

وقالت عائشة: " كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات، فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه" رواه أبو داود في الحج، باب: في المحرمة تغطي وجهها .

وهذا عام، فقد كانت عائشة تحج مع سائر النساء، وهي تحكي ما كانت تفعله هي وسائر النساء إذا مر الرجال.

يؤكد هذا أثر قالت فاطمة بنت المنذر قالت : " كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات، ونحن مع أسماء بنت أبي الصديق فلا تنكره علينا" الموطأ، في الحج، باب: تخمير المحرم وجهه.

وعن المغيرة بن شعبة قال:
"أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له امرأة أخطبها فقال: ( اذهب فانظر إليها، فإنه أجدر أن يؤدم بينكما) قال: فأتيت امرأة من الأنصار فخطبتها إلى أبويها، وأخبرتهما بقول النبي صلى الله عليه وسلم فكأنهما كرها ذلك، قال: فسمعت ذلك المرأة وهي في خدرها، فقالت: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك أن تنظر فانظر، وإلا فأنشدك، كأنها عظمت ذلك، قال: فنظرت إليها فتزوجتها"رواه ابن ماجة في النكاح، باب: النظر إلى المرأة إذا أراد أن يتزوجها.

فهذا الأثر صريح في تغطية الوجه، فالمغيرة جاء لينظر إلى وجهها، وأبواها كرها ذلك، وهي قبلت امتثال للأمر النبوي مع التحريج علي الخاطب - أن يكون له غرض آخر - بقولها: " إلا فأنشدك"، أي أن تترك النظر إلى وجهي.

وعلى هذا مضى الناس قرنا بعد قرن، قال الغزالي وقد عاش في القرن الخامس:
"لم يزل الرجال على ممر الزمان مكشوفي الوجوه، والنساء يخرجن منتقبات"..

وقال ابن حجر وقد عاش في القرن التاسع:
" العمل على جواز خروج النساء إلى المساجد والأسواق والأسفار منتقبات لئلا يراهن الرجال"..

وعلى ذلك كان النساء ثلاثة عشر قرنا، حتى بدايات القرن الرابع عشر الهجري، حيث بدأت دول الغرب تتكالب على دولة الخلافة حتى إذا سقطت تقاسمتها، وكان أول شيء قامت به تعطيل الشريعة ونزع الحجاب ابتداء بغطاء الوجه، فغطاء الوجه هو بداية نزع الحجاب، فليتنبه لمثل هذا.

*************


فهذا النصوص وغيرها تدل بوضوح على أن ستر الوجه والكفين من الدين لا من العادات أو التقاليد الاجتماعية.

أيهما أعظم فتنة: آلوجه أم القدم؟، فهل يعقل أن يأمر الشارع بحجب القدم ويأذن بكشف الوجه؟.

وأما بالنسبة للأعراف والتقاليد؛ فهي على قسمين:
قسم أصله الدليل الشرعي؛ فهو محمود، وقسم لا أصل له، بل هو محرم في الشريعة؛ فهو مذموم.

إذاً فالأعراف والتقاليد التي نشأ عليها الناس لا يطلق عليها وصف الذم بإطلاق، ولا المدح، بل يستفصل فيها، فإن كان لها أصل من الشرع، نقبل بها ونعمل بها على جهة التدين، لا التقليد، وإن لم يكن لها أصل من الشرع فلا.

وعلى ذلك فما يوجد في المجتمع من عادات وتقاليد، فمنها المحمود الموافق للشرع، ومنها المذموم المخالف للشرع، لكن كلامنا هنا خاص بقضية تغطية الوجه.

فما نشأ ودرج عليه المجتمع من التغطية إنما هي عادة محمودة لها أصل شرعي (ملاحظة: الكاتب هنا يتحدث عن مجتمعه في الجزيرة العربية ، ويرد على من يدعي أن التغطية عادة من العادات وليست مؤصلة شرعياً ) ؛ فمن الناس من يعمل بها على أنها عادة وتقليد، وهكذا كان أكثر الناس، ومنهم من يعمل بها على أنها دين وشريعة، وهذا ما صار إليه كثير من الناس اليوم.

والغرض من هذا بيان أن دعاة السفور ونزع الحجاب، يُــلَـــبِّسون على الناس أمرهم، فيزعمون أن تغطية الوجه نتاج العادة والتقاليد التي ليس لها أصل في الدين، ويصرحون بهذا، يقصدون بذلك التهوين من شأن الحجاب، ليسهل نزعه، لأن العادات قد يستعاض عنها بغيرها من غير حرج ولا تأثم، وهذا بخلاف الدين، حيث إن المستعيض عنه بغيره آثم خاطئ.

وليس معنى هذا أن كل من قال: التغطية عادة ؛ فبالضرورة أن يكون داعية لنزع الحجاب والسفور، كلا، بل قد يقول ذلك ظنا منه أن ذلك هو الحقيقة، وقوله ناتج عن قلة علمه بأدلة وجوب التغطية وأقوال العلماء فيها. وكيف يقول هذا، والعلماء مجمعون أن التغطية أفضل في كل حال، وأن الفتنة موجبة للتغطية؟!..

وبعد إيراد هذه النصوص القرآنية والحديثية، والآثار التاريخية... في وجوب تغطية الوجه.. اترك لكم الحكم...سائلا المولى جل وعلا أن يهدينا وإياكم لما يحبه ويرضاه....
المصدر: منتدى تحرير المرأة