مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - لا تنفذون إلا بسلطان

منذ 2019-01-31

يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ

{لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ} :

يتحدى سبحانه عباده ويخبرهم بمدى عجزهم عن الهروب من الجزاء يوم القيامة وضعفهم عن الخروج عن مشيئته, فلا منفذ ولا مسلك ولا فرار منه إلا إليه سبحانه.

فأني لهم أي سلطان في ملكوت الله , ولا سلطان ولا قوة ولا قدرة إلا قدرته والكل خاضع في موقف مهيب يوم القيامة , ولا نفوذ في الدنيا إلا بسلطان وقوة أذن بها لمن أذن ومنع منها من منع , فأذن لمحمد صلى الله عليه وسلم بالصعود يوم المعراج وأذن لبض عباده بالصعود في بعض طبقات السماء الدنيا فقط بقوة وسلطان العلم , وهي في النهاية قدرة وقوة محدودة لم تنفذ إلا بقدر ضئيل في السماء الدنيا مستمرة الامتداد التي لم يصل الإنسان لمجرد تصور منتهاها حتى يومنا الحالي  , فلا مخرج منها إلى التي تليها إلا بإذن الملك ومشيئته سبحانه, لا سلطان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. 

قال تعالى :

{ {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ} } [الرحمن 33]

قال السعدي في تفسيره:

أي: إذا جمعهم الله في موقف القيامة، أخبرهم بعجزهم وضعفهم، وكمال سلطانه، ونفوذ مشيئته وقدرته، فقال معجزا لهم: { {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} } أي: تجدون منفذا مسلكا تخرجون به عن ملك الله وسلطانه، { {فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ} } أي: لا تخرجون عنه إلا بقوة وتسلط منكم، وكمال قدرة، وأنى لهم ذلك، وهم لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا، ولا موتا ولا حياة ولا نشورا؟! ففي ذلك الموقف لا يتكلم أحد إلا بإذنه، ولا تسمع إلا همسا، وفي ذلك الموقف يستوي الملوك والمماليك، والرؤساء والمرءوسون، والأغنياء والفقراء.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن      

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
سنفرغ لكم أيها الثقلان
المقال التالي
يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شواظ من نار ونحاس فلا تنصران