مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - يطوفون بينها وبين حميم آن

منذ 2019-02-04

هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ * يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ

{هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ * يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} :

حين يعاين الجميع جهنم ويصبح العذاب واقعاً يعلم المكذبون بالبعث والجزاء عين اليقين أنهم كانوا في ضلال مبين وقتها يتسيدهم الندم ولات حين مندم .

يطوفون بين عذاب جهنم الذي لا يطاق وبين الشرب من الحميم الذي يقطع الأمعاء والأحشاء من شدة حره, ساعتها ينسى أهل النعيم ما كانوا فيه من نعم الدنيا وملذاتها.

فليبادر كل مكذب بتصحيح المسار قبل أن يأتي يوم لا درهم فيه ولا دينار والكل خاضع ذليل لله الملك القهار جل جلاله.

قال تعالى :

{هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ * يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} . [الرحمن 43-45]

قال ابن كثير في تفسيره:

وقوله : ( {هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون} ) أي : هذه النار التي كنتم تكذبون بوجودها ها هي حاضرة تشاهدونها عيانا ، يقال لهم ذلك تقريعا وتوبيخا وتصغيرا وتحقيرا .

وقوله : ( {يطوفون بينها وبين حميم آن} ) أي : تارة يعذبون في الجحيم ، وتارة يسقون من الحميم ، وهو الشراب الذي هو كالنحاس المذاب ، يقطع الأمعاء والأحشاء ، وهذه كقوله تعالى : ( {إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون} ) [ غافر : 71 ، 72 ] .

وقوله : ( { آن} ) أي : حار وقد بلغ الغاية في الحرارة ، لا يستطاع من شدة ذلك .

قال ابن عباس في قوله : ( {يطوفون بينها وبين حميم آن} ) قد انتهى غليه ، واشتد حره . وكذا قال مجاهد ، وسعيد بن جبير ، والضحاك ، والحسن ، والثوري ، والسدي .

قال السعدي في تفسيره:

أي: يقال للمكذبين بالوعد والوعيد حين تسعر الجحيم: { {هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ} } فليهنهم تكذيبهم بها، وليذوقوا من عذابها ونكالها وسعيرها وأغلالها، ما هو جزاء لتكذيبهم

{ {يَطُوفُونَ بَيْنَهَا} } أي: بين أطباق الجحيم ولهبها { وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ } أي: ماء حار جدا قد انتهى حره، وزمهرير قد اشتد برده وقره، { {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} }

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام
المقال التالي
ولمن خاف مقام ربه جنتان